رياض الزهراء العدد 186 تاج الأصحاء
اِضطِرَاباتُ النُّطقِ لَدى الأَطفالِ والكِبارِ
ما اضطرابات النطق والكلام؟ هو اضطراب الطلاقة المبكر، المعروف أيضًا بالتلعثم، يُصنّف في خانة اضطرابات التواصل والكلام، ويُصاب بالتأتأة (٥٪) من الأطفال، وتظهر لدى حوالي (٨٠ -٩٠٪) منهم في عمر الستّ سنوات، وتشير الدراسات إلى أنّ مظاهر التأتأة تختفي لدى حوالي (٧٠٪) من هؤلاء الأطفال بشكل طبيعي عند سنّ البلوغ، لكنّها تستمرّ لدى (٣٠ ٪) منهم حتى سنّ الرشد، وتظهر عادةً على شكل التكرار، أو الإطالات المتكرّرة للأصوات، أو المقاطع، أو العبارات، أو الكلمات، مع صعوبة في نطق الكلمات، أو الجمل، أو التوقّف عند محاولة البدء بالكلام. عمليًّا، يعرف الطفل ما يريد قوله، لكنّه يجد صعوبة في التعبير عنه وقوله للآخرين، وقد يستخدم بعض الطرق لإخفاء التكرار كاستبدال الكلمات، أو إخفاء التوتّر الجسدي غير المبرّر في أثناء التحدّث مع الآخرين، وبخاصّة عند محاولة إعادة صياغة الكلام، مثلما نلاحظ عوارض أخرى كتشنّج عضلات الوجه، ورمش العين مع الارتباك، وفقدان الكلمات في أثناء المواقف الصعبة التي يصاحبها توتّر وانفعال كالفرح، أو الخوف وغيره. ما العوامل التي تؤدّي إلى الإصابة باضطراب التلعثم؟ يعدّ هذا الاضطراب متعدّد العوامل، منها العامل الوراثي، فيُلاحظ انتشار التلعثم بين أفراد الأسرة الواحدة، وجنس الطفل، إذ يعدّ الذكور أكثر عرضةً للتلعثم من الإناث (3-4 صبيان قِبال كلّ بنت)، وجود صعوبات لغوية عند الطفل، وأيضًا ظهور التأتأة في عمر متأخّر (بعد سنّ الثالثة والنصف)، وهناك عوامل محفّزة، كتأخّر نموّ الطفل، إذ يلاحظ أنّ الأطفال الذين عانوا من تأخّر في النموّ يكونون أكثر عرضةً للإصابة بالتلعثم، مثلما تؤدّي عوامل أخرى دورًا في إصابة الأطفال به، كالضغط النفسي والتغيير المفاجئ في الروتين اليومي، مثلما هو الحال اليوم عبر دخول معظم الأطفال في حالة العزل المنزلي نتيجة تفشّي بعض الأوبئة، وتؤدّي هذه العوامل عادةً إلى تفاقم حالات التلعثم الموجودة أساسًا عند الطفل. ما الإرشادات المقدّمة للأهل، وما دورهم في العلاج ؟ على الرغم من كون الأهل غير مسؤولين عن إصابة الطفل بالتأتأة نظرًا لأنّها مرتبطة بوجود استعداد تكويني عند الطفل، أو البيئة التي تؤدّي دورًا محفّزًا لها، لكنّها لا تسبّبها، فالطفل الذي يعاني من التأتأة يكون هشًّا نفسيًّا، يحتاج إلى الدعم والتشجيع والإحاطة بالحنان والعاطفة؛ لأنّها من أهمّ العوامل التي تساعده على تخطّي هذه الحالة، والتخلّص منها بسلام. بعض الإرشادات المفيدة للأهل عند ظهور عوارض التأتأة: 1ـ تخصيص وقت كافٍ للطفل للتحدّث واللعب بشكل حرّ ومريح. 2ـ التركيز على مضمون الحديث، وليس على طريقة التحدّث عند محادثته. 3ـ عدم إظهار أيّ علامة استغراب أو انزعاج عندما يتلعثم، فلو كان قادرًا على التحدّث بطلاقة لفعل. 4ـ محاولة التحدّث معه ببطء وهدوء، مع زيادة تنغيم الكلام. 5ـ المحافظة على التواصل البصري معه؛ لأنّه يشعره بالراحة والطمأنينة. 6ـ إظهار الاهتمام بأفكاره وأحاديثه، فهو يزيد من ثقته بنفسه، ويشجّعه على المبادرة إلى الحديث أكثر. 7ـ إخباره مسبقًا بالأنشطة الجديدة التي سيتمّ القيام بها؛ كي يتجهّز نفسيًّا لأيّ تغيير. 8ـ بسبب الحجر المنزلي، من الضروري تعزيز التواصل مع الأقارب والأصدقاء عن طريق التواصل الإلكتروني. الأمور التي يجب اجتنابها مع الطفل المُصاب بالتلعثم: 1ـ طلب التفكير منه قبل التكلّم، أو تكرار ما قاله بشكل أفضل. 2ـ إجباره على المشاركة في الأحاديث عند وجود الغرباء. 3ـ استخدام عبارات مربكة معه، من قبيل: خُذ نَفَسًا، تكلّم على مهل، حاول أن تسترخي، وغيرها. 4ـ إلفات انتباهه إلى لفظ الكلمات بشكل سليم، فهذا قد يشعره بأنّه يعاني من مشكلة ما، ممّا يزيد من حدّة التلعثم عنده. هل هناك عمر معيّن لبدء العلاج؟ يعدّ التشخيص المبكر ذا أهمّية بالغة؛ لكونه يساعد على تأمين التدخّل والإرشاد الأسري في أثناء مرحلة الطفولة، ممّا يسهم في زيادة فرصة الاستفادة من العلاج، ويخفّف من التأثير الوظيفي للتأتأة على سلوك الطفل وعلى مهاراته التواصلية والاجتماعية، ممّا قد ينعكس لاحقًا على أدائه الدراسي والمهني بشكل إيجابي. متى يجب استشارة معالج النطق واللغة؟ 1ـ إذا استمرّت عوارض التأتأة بالظهور لمدّة تتجاوز الشهرين. 2ـ إذا ازدادت حدّة العوارض التي تظهر على الطفل. 3ـ إذا بدأت عوارض التأتأة تنعكس على سلوك الطفل ومدى تفاعله مع المحيطين به، كتجنّب المواقف والأماكن التي سيضطرّ فيها إلى التحدّث.