البِشَارَةُ الكُبرَى
وُلِدَ الهدى فالكائناتُ ضياءُ وفمُ الزمانِ تبسّمٌ وثناءُ إنّها البشارة الكبرى، ولادة الأزهر الأنور.. فمذ كنتُ صغيرة، كان لهذا اليوم وقع مميّز في روحي! ومع قِصر معرفتي، وضيق آفاق تفكيري، إلّا أنّي كنتُ أرى الكونَ يزهو، الأهل يتبادلون التهاني، وتصطفّ النبضات في اصطفاف الصباح؛ لتشدو بما يحمله القلب من حبّ على هيئة حرف! تتقدّم السنين والعمر يمضي بنا، واليوم يأتي بحلّة أبهى في نواظر قلبي.. ومع كلّ معرفة تتزايد المحبّة لحبيب إله العالمين، حتى جاء يومكَ الميمون في عامي هذا مسبوقًا بخطىً حثيثة؛ ليملأ النفس إيمانًا يليق بمعلّمها ومهذّبها، بجهاد يترجم برّ ابنة بأبيها، تدير قلبها وبصرها صوب (طَيبة) بلسانٍ كأنّه لم ينطق حرفًا من قبل: أبتي! حبيبي، ونور عيني يا رسول الله! كيف تُطوى المكرمات بين الأسطر؟ وأيّ معرفةٍ نلتُها لأسطّر عنكَ ما يليق بمقامكَ الأسمى! يا رسول الله! يا محمودًا في الأرض والسماء، ما شأني أنا، وما خطري لأعدّد محامدكَ؟! يا منقذي من ظلمات الجهل، كيف لي أن أفي معشار حقّكَ؟! أقف لائذة بحضرتكَ، ممتلئة بفيوضاتكَ وكراماتكَ التي لولاها لكنتُ راتعة في حضيض الجاهلية! وُلدتَ للعالمين هدىً ورحمة، بُعثتَ حاملًا كلّ خُلق حميد، ناثرًا أريجكَ للبعيد والقريب، كتبتُ فيكَ ما لا يحصي عددهم من البشريّة مجلّدات ودواوين، وعلوتَ فوق أوصاف العباد جامعًا كلّ الأوصاف بأنور الحروف وأزهرها! ليُحار لُبّ كلّ ذي لبّ عند قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم:4)، وصفًا وتشريفًا من الربّ العظيم! أقبّل النصّ الإلهي، أشمّهُ شوقًا وحبًّا لكَ، رافعةً يديّ بكلّ ما أوتيتُ من حبّه، مهنّئة بلغة الدعاء: اللهمّ صلّ وسلّم وزد وبارك على نبيّكَ محمّد وعلى آل نبيّكَ محمّد، وعجّل لوليّكَ الفرج والعافية والنصر، واجعلنا من الدعاة إلى سبيلكَ.