تَأخُّرُ النُّطقِ لدَى الأَطفَال

د. إسراء مصطفى الموسوي/اختصاص طب الأطفال/ مستشفى كربلاء التعليمي للأطفال
عدد المشاهدات : 419

إنَّ تأخر النطق لدى الأطفال هي حالة شائعة، وكثيراً ما نجد العائلة في حالة قلق شديد منها مما يؤدي إلى عرض الطفل على أكثر من طبيب. كيف نعرف أنَّ الطفل متأخر في النطق؟ ينبغي أن نعرف أنَّ الطفل يبدأ بنطق كلمة واحدة مثل: (بابا، ماما) في عمر السنة الواحدة، وتزداد الكلمات التي ينطقها الطفل تدريجياً، فيكون الطفل في عمر السنتين قادراً على نطق كلمتين معاً ـ وإن كانت هاتان الكلمتان غير واضحتين في مخارجهما ـ وبمرور الوقت تزداد الكلمات التي ينطقها الطفل ويزداد وضوحها تدريجياً، لذلك فعلى الأهل عدم الاستعجال أو مقارنة طفلهم مع أقرانه الذين قد يسبقوه في النطق، أما إذا لاحظ الأهل أنّ الطفل غير قادر على نطق كلمتين أو حتى كلمة واحدة في عمر السنتين أو أكثر فحينها نطلق على هذه الحالة بـ (تأخر النطق لدى الأطفال). الأسباب: لهذه الحالة أسباب كثيرة قد تكون أسباباً سلوكية أكثر مما هي أسباب مرضية، ومن هذه الأسباب السلوكية (غير المرضية): • عدم التحدث مع الطفل لمدة كافية وإنّ الطفل في هذه المرحلة بحاجة إلى سماع الكلمة الواحدة لمرات عديدة قد تصل إلى مائة مرة حتى يتمكن من نطق الكلمة. • التحدث بأكثر من لغة أو لهجة واحدة في البيت أمام الطفل لمدة طويلة كأن يُترك الطفل لدى مربية أجنبية أو عربية تختلف لهجتها أو لغتها عن لهجة أو لغة الوالدين. • مشاهدة الطفل للرسوم المتحركة لمدة طويلة، وفي هذه الحالة يشعر الطفل بعدم حاجته إلى الكلام ويستطيع التواصل مع أفلام الكارتون والتواصل مع الأهل عن طريق استخدام الإشارات أو إخراج أصوات معينة كما يشاهدها في أفلام الكارتون. • التأخّر في كلام الأطفال التوائم وخاصة إن كانوا من الجنس نفسه، وذلك لأن التوأمين قادران على التواصل أو التفاهم بينهما عن طريق الحركات والإشارات، ويشعران أنه لا ضرورة لتعلّم الكلام، وهذا يؤدي إلى تأخر النطق عندهم. أمّا الأسباب المرضية فهي كثيرة منها: • ضعف أو تأخر السمع عند الطفل: إنّ هذه الحالة المرضية يمكن تشخيصها بسهولة من قبل الأهل عن طريق ملاحظتهم بأنّ الطفل لا يستجيب إلى الكلام الذي يوجّه إليه، كأن يُطلب منه جلب شيء معين أو أن يذهب إلى مكان معين وهكذا. • مرض التوحّد: حينما يصاب الطفل بهذا المرض يكون منعزلاً، وليست له القدرة على التركيز في عيون الشخص الذي يتحدث معه، كما يحب الألعاب الفردية، ولديه بعض السلوكيات الغريبة عن بقية الأطفال، ويكون غير قادر على النطق أو يكون متأخراً في نطقه، ويجب عدم التسرّع في تشخيص حالة الطفل بأنّه مصاب بمرض التوحد في حالة تأخره بالنطق فقط من دون وجود السلوكيات الأُخر المصاحبة لهذا المرض. العلاج: يمكن معالجة الأسباب السلوكية عن طريق تغيير أسلوب التعامل مع الطفل كقضاء وقت أطول في التحدث معه، ومحاولة منعه في حالة استخدامه للإشارات أو عدم التجاوب معه في هذه الحالة، وجعل الطفل يقضي وقتاً جيداً مع أطفال آخرين بعمره، كأن يُأخذ إلى حضانة أو رياض أطفال كي يختلط مع عدد أكبر من الأطفال ويستمع إلى كلامهم وأناشيدهم؛ ليصبح قادراً على الكلام بصورة تدريجية. أمّا الحالات المرضية فيجب الانتباه إليها بصورة مبكرة لكي يتم تشخيصها من قبل أطباء مختصين للتمكن من معرفة الأسباب تم علاجها، وهناك مراكز خاصة تقوم باستقبال الأطفال المصابين بمرض التوحد ومساعدتهم. ملاحظة مهمة: ننصح الأهل بعدم القلق الشديد أو المبكر في حالة تأخر النطق ومساعدته على التواصل مع الآخرين، وإذا لم يجدوا أي تغيير أو تقدّم في هذه الحالة فيجب عرضه على طبيب مختص لتشخيص الحالة هل هي مرضية أو غير مرضية؛ لعلاجها بالشكل الصحيح.