تَتَساءَلُ رُوحُها

سرور عبد الكريم المحمّداويّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 213

ـ أختاه، يتبادر إلى ذهني الكثير من الأمور التي تشتّت أفكاري، الوضع في تطوّر والإنسان في تغيّر مستمرّ، حتى الاحتياجات تتغيّر، فلكلّ زمان ومكان متطلّباته الخاصّة التي يحتاجها الفرد ذهنيًا وجسديًا وعلميًا. ـ أجل يا أختي فعلًا، فالأمر مغاير تمامًا لما عاشه جيل أهلنا عن جيلنا الحالي في كلّ شيء، لكن ما الذي يشغل بالكِ حقًّا؟ ـ أعتقد أنّ الدين يعيقني، أشعر بأنّه وضع عليّ الكثير من الحدود التي تقيّدني، سواء في ملبسي، أو مأكلي، أو تصرّفي، بل حتى نومي، وجلوسي، وسَيْري، وكلامي! ـ أختاه، اعلمي أنّ الكون كلّه يسير بنظام وتقدير، فلو زلّ شيء عن مكانه المقدّر لتغيّر الكون كلّه، مثلما جاء في قوله تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (الرحمن: 5)، وقوله تعالى: لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (يس:40)، فالكلّ مشغول بعمله المقرّر له، فهل تحسبين أنّ هذا التحفّظ هو تدمير لذاتكِ؟ ـ أريد أن آخذ حرّيتي، أن أرتدي ما يعجبني، أفعل ما أريد، أقول ما أحبّ، فالكثير كامن في نفسي، انظري كيف يتسنّى للرجل أخذ حرّيته، ونحن النساء لا! ـ أختاه، إن أتيتِ إلى الشريعة الحقّة، فيجب عليكِ أن تعلمي أنّ الله سبحانه لم يفرّق بين الذكر والأنثى إلّا بالتقوى، مثلما جاء في قوله تعالى: ...أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى... (آل عمران:195)، وفي أية أخرى يقول جلّ وعلا: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير (الحجرات: 13)، فالإسلام دين رحمة ولطف وحبّ، إلّا أنّ ضِعاف العقول، والبعيدين عن حقيقة الدين، والجاهلين وحدهم مَن لا يراعون حقّ المرأة، فانظري كيف يخاطبها الله تعالى في آياته: ...وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي... (القصص:7)، وعن رسولنا الكريم (صلوات الله وسلامه عليه) رُوي أنّه قال: "...رِفقًا بالقوارير"(1)، فالقارورة شفّافة ورقيقة، سريعة التأثّر والكسر. فكلّ شيء خلقه الله بقدر، وضع أسس الحياة الصحيحة، وما إن يتخلّف عنها الإنسان حتى تتعسّر حياته، فعندما أمر تعالى بغضّ البصر وستر العورات، وجعل الحياء منهجًا للتعامل، فهو يريد حفظ كيان الرجل والمرأة معًا، فإن لم تتزيّن المرأة ولم تلفت الأنظار إليها، فقد منعت الشيطان عن نفسها وعمّن يراها، وإذا كانت متستّرة حياءً وعفّةً، فلن تكون لها إلّا نظرة الوقار والهيبة، وإذا كشفت عن مفاتنها وأزاحت الحياء جانبًا، فأنّها ستكون لقمة سهلة بيد صغار العقول، سواء علمت بذلك أم لم تعلم. سيأتي المصلح الإلهي الأعظم، ابن الزهراء فاطمة (عليها السلام)، وسيقطع أوتار الشكّ بسيف اليقين، وسنرى الحقيقة التي غشّاها ظلام الدنيا، وسنرى يا أختاه ديننا العظيم الذي لم يبخس حقّ أحد أبدًا. ...................................................................... (1) بحار الأنوار: ج ٢٢، ص ٢٦٣.