الإِعجَازُ القُرآنِيُّ

دعاء ضياء قنديل/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 267

يحدّثنا ربّ العزّة والجلالة في كتابه الكريم: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران: 190). تدلّ هذه الآية الكريمة على أنّ الكون بكلّ ما يحتويه من مخلوقات وظواهر هي آيات ربّانية، وهي معجزة الله تعالى لنا للتفكير بتمام خلقه، مثلما تدلّ على أنّ التفكّر والتذكّر ضروريّان لكلّ إنسان عاقل يريد أن يصل إلى الله (عزّ وجلّ) عن طريق العلم والتدبّر في خلق الله وآياته. وتُعدّ من أبرز الآيات القرآنية إعجازًا، وقد تحدّثت عن علم الفَلَك وأهمّية التفكّر فيه، وذُكرت في الكتاب الكريم مصطلحات تخصّ هذا العلم بكلّ أقسامه وتشعّباته، مثل الكواكب والنجوم والسماوات والأرض، فضلًا عن الكثير من الظواهر الفَلَكية، مثل الليل والنهار، والشفق، والتكوير، والفجر، وغيرها الكثير. وهذه الآية وغيرها تُعدّ دليلًا كافيًا على عدم صحّة أيّ رأي يذهب إلى أنّ الإسلام والقرآن الكريم قد نهيا عن دراسة علم الفَلَك والاشتغال به، فالدعوة صريحة من الله تعالى، تتمثّل في حثّ الإنسان على أن يمعن النظر والتأمّل في كلّ شيء من صنعه تعالى. وقد وردت كلمة (فَلَك) في موضعين من القرآن الكريم: الموضع الأول، إذ يقول سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الأنبياء: 33)، والموضع الثاني: إذ يقول عزّ من قائل: (وَءَايَةٌ لَّهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإذَا هُم مُّظْلِمُونَ* وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ* لا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَآ أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا الَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يس: 37 - 40). فالله جعل الليل للبشر ليسكنوا فيه، والنهار لينصرفوا فيه لمعايشهم، وجعل الشمس آية النهار، والقمر آية الليل، وذلك لغرض تعلّم الشهور، والسنين، والحساب. إنّ الليل والنهار ظاهرتان كونيّتان، والشمس والقمر جرمان هائلان، لهما علاقة وثيقة بحياة الإنسان على الأرض، وبالحياة كلّها، والتأمّل في توالي الليل والنهار، جدير بأن يهدي القلب إلى وَحدة الخالق القدير. مضافًا إلى هاتين الآيتين المعجزتين، جاءت في ضمن الآيات الشريفة إشارات إلى عالم الفَلك وقضاياه المتعدّدة، وهي تؤكّد على أمر الله للإنسان بأن يتأمّل في هذا الكون الفسيح، وينظر فيه ويتفكّر، ويستخلص النتائج.