رياض الزهراء العدد 187 ركائز الإيمان
ثِمارُ المُحاسَبَةِ
اعتمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) أساليب عدّة في تحبيب الناس إلى الدين القويم، وجذبهم إلى ما جاء به من قِيم، وأخلاق، ومن تلك الأساليب أنّهم كانوا يصرّحون، أو يلمّحون إلى ثمار هذه القِيم وفوائدها. ومن الواضح أنّ الإنسان يرغب بما فيه مصلحته ونفعه، ويتجنّب ما فيه ضرره، ويمكن تلمّس هذه المسألة في أحاديثهم المرتبطة بالمحاسبة، فلم يكن حثّهم على العمل بها من دون بيان بعض ثمارها، ومنها: 1. صلاح النفس: فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "ثَمَرةُ المُحاسَبةِ صَلاحُ النَّفْسِ"(1)، إنّ المساوئ تحدث في النفس الإنسانية تشوّهًا وخرابًا، فتأتي المحاسبة لتصلح ما فسد منها بعد التعرّف على مواطن الخلل. 2. إصلاح العيوب: وعنه (عليه السلام) أنّه قال: "مَن حاسَبَ نفسَهُ وقَفَ على عُيوبِهِ، وأحاطَ بذُنوبِهِ، واستَقالَ الذُّنوبَ، وأصلَحَ العُيوبَ"(2)، فإذا قام الإنسان بالمحاسبة تعرّف على ذنوبه وعيوبه، ممّا يمهّد له الاستغفار وإصلاح النفس. 3. الربح: فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "مَن حاسبَ نَفسَهُ رَبِحَ، ومَن غَفَلَ عَنها خَسِرَ، ومَن خافَ أمِنَ"(3)، وذلك لأنّ المحاسبة ستقي الإنسان من ارتكاب الحرام، وتربطه بالأعمال الصالحة، وهي بذاتها ربح. 4. السعادة: وعنه (عليه السلام) أنّه قال: "مَن حاسَبَ نَفسَهُ سَعِدَ"(4). 5. الأمن من المداهنة: فعنه (عليه السلام) أنّه قال: "مَن تعاهد نفسه بالمحاسبة، أمن فيها المداهنة"(5). 6. الأمن من الرهب، وإدراك الرغائب: ورد عنه (عليه السلام) أنّه قال: "حاسِبوا أنفُسَكُم تَأمَنوا مِن اللَّهِ الرّهَبَ – الخوف - وتُدرِكوا عِندَهُ الرّغَبَ"(6)، فالمتعاهد لنفسه، المتفقّد لحالها بين الحين والآخر، آمن بأن لا يقع في معصية أو ذنب. 7. الشعور بالندم، والبدء بالاستغفار بشروطه: مثلما جاء في وصيّة الإمام الصادق (عليه السلام) لابن جندب: "...فإن رأى حَسَنةً استَزادَ مِنها، وإن رأى سَيّئةً استَغفَر مِنها، لِئلّا يَخزى يَومَ القِيامَةِ"(7). ثم إنّه مثلما تنتج محاسبة النفس حالة الاستغفار والندم، فإنّها أيضًا تحثّ النفس على التعويض عمّا مضى من تقصير وخسارة، وهذا التعويض يكون بالأعمال الصالحة، والتزوّد بعمل المستحبّات، وأعمال البرّ التي تثقل الميزان يوم القيامة، فقد قال تعالى: إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبنَ السَّيِّئَاتِ (هود: 114). والحاصل أنّ للمحاسبة دورًا كبيرًا في إصلاح النفس وعيوبها، ونيل السعادة، والأمن من مخاوف الدنيا والآخرة، والفوز بالأرباح بما أعدّه الله لأوليائه. يتبع... ................................... (1) ميزان الحكمة: ج3، ص84. (2) المصدر السابق نفسه. (3) المصدر السابق نفسه. (4) المصدر السابق نفسه. (5) المصدر السابق نفسه. (6) المصدر السابق: ص82. (7) تحف العقول: ص ٣٠١.