اِمرَأَةُ عِمرانَ
قال الله تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) (آل عمران:35- 36). جاء في التفاسير أنّ (حنّة) و(اشياع) كانتا أختين، تزوّجت الأولى (عمران) أحد زعماء بني إسرائيل، وتزوّجت الأخرى نبيّ الله زكريا (عليه السلام). مضت سنوات على زواج (حنّة) ولم ترزق مولودًا، وفي أحد الأيام توجّهت إلى الله تعالى بمجامع قلبها طالبةً منه أن يرزقها مولودًا، فاستجاب الله دعاءها الخالص، ولم تمضِ مدّة طويلة حتى حملت، فنذرت ما في بطنها محرّرًا للخدمة في بيت الله، أي (بيت المقدس)، ظنًّا منها أنّ ما تحمله ذكرًا، لكن عند الولادة وجدتها أنثى، فارتبكت ولم تدرِ ما تعمل، إذ إنّ الخدمة في بيت الله كانت مقصورة على الذكور. فراحت تخاطب الله تعالى: إنّها أنثى، وأنتَ تعلم أنّ الذكر ليس كالأنثى في تحقيق النذر، فالأنثى لا تستطيع أن تؤدّي واجبها في الخدمة مثلما يفعل الذكر، فالبنت تختلف بتكوينها عن الذكر، وطلبت من الله تعالى أن يحفظها ونسلها من وسوسة الشيطان الرجيم، فقال تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (آل عمران: 37). مات والد مريم قبل ولادتها، فجاءت بها أمّها إلى بيت المقدس وقدّمتها إلى علماء اليهود، وقالت: هذه البنت هديّة لبيت المقدس، فليتعهّدها أحدكم تحقيقًا للنذر، فكثر الكلام بينهم، وكان كلّ واحد منهم يريد أن يحظى بهذا الشرف؛ لأنّ مريم من أسرة معروفة، وأخيرًا اتّفقوا على إجراء القرعة بينهم، واختير نبيّ الله زكريا (عليه السلام) ليكفلها وهو زوج خالتها. وفي الآية الكريمة إشارة إلى تقبّل الله قيام مريم الطاهرة بهذه الخدمة الروحية والمعنوية لأول مرّة: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وأنبتها نباتًا حسنًا...) وإشارة إلى تكاملها أخلاقيًا وروحيًا. كبرت مريم (عليها السلام) تحت رعاية زكريا (عليه السلام)، وكانت تصوم النهار وتقوم الليل بالعبادة، ولمّا كان يزورها في محرابها، كان يجد عندها طعامًا خاصًّا في غير موسمه، أي فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فسألها يومًا: (يا مريمُ أنّى لَكِ هذا قالت هُوَ مِن عِند اللهِ يرزُقُ مَن يشاءُ بغيرِ حِسابٍ)(1). اللغز: س١/ ماذا يعني اسم (مريم)؟ 1ـ العابدة. 2- الساجدة. 3ـ العالمة. س٢/ ماذا تعني كلمة (محرّرًا)؟ 1ـ ليس من العبيد. 2- لا يذنب. 3- محرّر من خدمة الأبوين لخدمة بيت الله. س٣/ ما الفرق بين الذكر والأنثى في قوله تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)؟ أجوبة قصّة حادثة الطيور: ج١/ الاطمئنان القلبي يدلّ على أنّ الفكر قبل وصوله إلى مرحلة الشهود ـ أي المشاهدة الحسّية ـ يكون دائمًا في حالة حركة وتقلّب، لكن إذا حصل الشهود يسكن ويهدأ. ج٢/ الدليل على معنى التقطيع قوله تعالى: (ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا) (البقرة: 260)، فهذا دليل على أنّ الطيور قد قُطِّعت، وصُيِّرت أجزاءً. ج٣/ المعاد. ......................................... (1) نقلًا عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج٢، ص ٢٨٨- ٢٨٩.