رياض الزهراء العدد 187 طفلك مرآتك
الأَطفَالُ وَالحُفرَةُ الإِلكتِرونِيَّةُ
هل يمكن للآباء الأصحّاء نفسيًا وعقليًا أن يسبّبوا الضرر عن عمد لأطفالهم، أو يسمحوا للآخرين بأن يضرّوا أطفالهم؟ بالتأكيد الإجابة هي: لا، لا يُمكن أن يدفع الوالدان طفلهما إلى حفرة مظلمة ومخيفة، ويتركاه يتعرّض للأذى النفسي. إنّ منظومة شبكات التواصل الاجتماعي صُمِّمت من دون مراعاة الجوانب العمرية والدينية والقيمية، بل لا يعبأ مؤسّسوها سوى بالنفع المادّي، بغضّ النظر عن التشوّهات الفكرية التي أضرّت بالكثير من مستخدميها الذين لم ينتفعوا بها، فهي سلاح ذو حدّين. إنّ استخدام الأطفال لوسائل التواصل بخاصّة منصّة الـ(يوتيوب) خطير جدًا، فقد أُجريت تجربة بواسطة الجمعية الأمريكية لطبّ الأطفال، إذ قسّموا عددًا من الأطفال إلى ثلاثة مجاميع: المجموعة الأولى شاهدت فيلمًا كارتونيًا ذا إيقاع سريع وألوان كثيرة لمدّة تسع دقائق فقط، والمجموعة الثانية أُعطوا طباشير وسبّورة للرسم، والمجموعة الثالثة شاهدوا فيلمًا وثائقيًا كارتونيًا عن الحياة العملية، وقد اتّضح أنّ أطفال المجموعتين الأخيرتين كانت إنجازاتهما أفضل من الأطفال الذين شاهدوا أفلام الكارتون ذات الحركات السريعة. وبذلك تبيّن أنّها تؤثر في أدمغتهم من حيث التلقّي والاستيعاب، ومنعت هذه المؤسّسة في ضمن إرشاداتها من استخدام الهاتف لمَن هم بعمر السنتين وأصغر، وشدّدت أيضًا على عدم إعطاء الهاتف لأكثر من ساعة لمَن هم بعمر (۳-٥) سنوات. ويا للأسف الشديد نرى اليوم حتى الأطفال الرضّع لهم نصيب من التعلّق بالهاتف. وأصبح الإنترنت بمنزلة حفرة مظلمة لا يعرف كيف يخرج منها أطفالنا بأنفسهم بعد إدمانهم ما لم نساعدهم، ونعالج هذا الخطأ الذي وقع فيه الكثير من أولياء الأمور، ويمكن استبدال الهاتف بالألعاب الفكرية، وكرّاسات الرسم والتلوين، وفي البداية خصّصوا وقتًا لتلعبوا مع الأطفال، اطفئوا الهاتف والعبوا سويًا لبضعة أيام بقدر ما يسمح به وقتكم، حتى يتسنّى للطفل الاعتياد على اللعب متناسيًا الهاتف بدون ضجر الأهل من تبعثر الألعاب والأقلام على الأرضية، فهذا المنظر أجمل من مسك الطفل للهاتف لساعات طويلة بحيث لا ينشّط عقله وجسده، بل قد يتعرّض لمخاطر تضرّ بجسده، كأن تكون طريقة جلوسه خاطئة، فلا ذنب للطفل بأن يتمّ إسكاته عن البكاء بوضع الهاتف باختياره، أو يتمّ إلهاؤه لعدّة ساعات كي تنجز الأمّ مهامّها. يمكن لطفلكِ أن يعتاد على اللعب بالألعاب التقليدية وهو إلى جانبكِ، فالأمر ليس بالصعب ما دام لم يعتد على استخدام الهاتف.