اِبنَتِي وَالحِجابُ
بنيّتي الحبيبة: يا قطعة من قلبي، ونبضة من نبضاتي، وقبس نور يضيء الأيام الحالكات في حياتي، اعلمي يا نور عيني أنّني حرصتُ منذ طفولتكِ على أن أغرس فيكِ حبّ الإسلام، والولاء للعترة الطاهرة (عليهم السلام)، والتعلّق بالفضيلة والعفاف، وترجمة ذلك عن طريق الالتزام والاحتشام، فألبستكِ رداء الصالحات؛ لتقتفي أثر النساء العفيفات، وتعيشي حياتكِ بطهر ونقاء وسلام. بُنيّتي: كنتُ أتأمّلكِ كلّ يوم قبل خروجكِ إلى المدرسة، ثم الجامعة، وأراكِ مثل ملاك طاهر بحجابكِ الواسع، ولطالما شكرتُ الله تبارك وتعالى على ثباتكِ على درب الحقّ، والاستقامة على الرغم من تلقّيكِ النقد اللاذع، وآمنتُ بأنّ الفتاة متى نشأت على الصلاح والتقوى، فستبقى قويّة ملتزمة، وها أنا اليوم أحكي قصّتكِ لكلّ فتاة تمرّ بمرحلتكِ، وأدعوها بلسان الأمّ الرؤوم إلى دخول هذا العالم الرائع. أجل يا بُنيّاتي: فالخالق سبحانه وتعالى أراد أن يحفظكنَّ لنفاسَتِكنَّ وعظم منزلتكنَّ، تمامًا مثلما حفظ اللؤلؤة اللامعة في صدفتها، فحجاب الفتاة الذي يتكامل بسترها لتمام بدنها ما عدا وجهها وكفّيها، واجب في الشريعة الإسلامية الغرّاء؛ لأنّه ينطوي على كلّ مفردات الطهر والحياء والنقاء، ويجعل مَن تلتزم به معروفة بالعفّة والسمعة الطيّبة، فلا يتعرّض لها أحد بسوء، ولا ينالها مكروه، وإلى هذه الحقيقة يشير المولى (عزّ وجلّ) في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (الأحزاب: 59). إنّ حجابكِ يا بنتي يرتقي بكِ، ويجعل مَن يتعامل معكِ يتعامل لا على أساس الأنوثة، بل على أساس الإنسانية والإمكانات، والدور والمسؤولية، طبعًا هذا فيما إذا جعلتِ من التزامكِ بالزيّ الشرعي التزامًا واضحًا بالبُعد الجوهري للحجاب، وهو البُعد الروحي والأخلاقي، وحرصتِ على أن تظهري الصورة المشرقة للفتاة الملتزمة قلبًا وقالبًا، البعيدة عن مواطن الفتنة، الفتاة التي تفرض احترامها على كلّ مَن يتعامل معها؛ لأدبها والتزامها، ورعايتها للضوابط الشرعية في التعامل مع الآخرين على اختلاف رتبهم ومقاماتهم. فالمحجّبة حقًّا يا بنتي ليست مَن سترت مفاتنها فقط، بل هي تلك التي تحلّت بالحشمة في تصرّفاتها، وغضّت البصر عن المحرّمات، وراعت العفّة في كلماتها وسائر أعمالها، وامتلكت نظامًا أخلاقيًا يحجبها عن كلّ قبيح، ويرسم لها خطوات النجاح، ويجعلها تحقّق أهدافها التي وُجِدت من أجلها. وقدوتها في حياتها مَن يرضى الله لرضاها، ويغضب لغضبها، مولاتنا الزهراء (عليها السلام)، وابنتها الخفرة الطاهرة زينب الحوراء (عليها السلام).