رياض الزهراء العدد 188 أنوار قرآنية
المَواقِيتُ فِي القُرآنِ الكَرِيمِ
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (البقرة: ١٨٧)، وقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (البقرة: ١٨٩). يذكّرنا القرآن الكريم في الكثير من آياته بالتدبّر في خَلق هذا الكون، إذ بإمكان الإنسان أن يأخذ العِبرة والعظة من عظيم خلق الله، وسنشير إلى عدد من الآيات الكريمة التي ورد فيها ذكر عالم الفَلك لبيان أسبقية التعاليم الإسلامية إلى التدبّر، والبحث، والنظر في عظمة هذا الجانب الكوني. لقد انعكس هذا الاهتمام الفائق من قِبل القرآن الكريم بعلم الفَلك على تعاليم الإسلام، فكان له بصمات بارزة على العلوم المختلفة بصورة عامّة، وعلم الفَلك بصورة خاصّة، فمثلًا ذُكرت كلمة (النجوم) تسع مرّات في القرآن الكريم، و(الكواكب) مفردةً في آية واحدة، وجُمعت في أربع آيات، ووردت كلمة (السماء) (١٢٠) مرّة، وكلمة (السماوات) (١٩٠) مرّة، ووردت كلمة (الأرض) (٣٦٥) مرّة، و(أرض) (٥) مرّات، ويدلّ العدد الكبير من هذه المصطلحات على أنّ القرآن الكريم أولى اهتمامًا بالغًا لخلق السماء، وقد بدأت مراقبة الإنسان للسماء منذ ملايين السنين، وتمّ ربط الظواهر السماوية مع الأحداث الجارية في حياة الناس اليومية وهو ما سُمّي بـ(المواقيت)، فربط سكّان وادي النيل مثلًا ظهور نجم معيّن في السماء بفيضان نهر النيل، وظهور كوكب ما في السماء بموعد زراعة القمح، وهكذا، واعتنى المسلمون بعلم الفَلك لتحديد أوقات الصلاة نظرًا للبُعد الروحي لهذه العبادة المميّزة، مثلما اعتنوا بتحديد القبلة التي كانت جزءًا عضويًا حيًّا من اهتمامات علم الفلك مثلما فهمه المسلمون.