مَا بَينَ النَّجاحَيْنِ

خلود ابراهيم البياتي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 278

معظم أفراد المجتمع ينظر بعين القلق والترقّب إلى كلّ ما يحدث من حولنا من تغيّرات غير مسبوقة، وأحداث لم تطرأ على بال أحد في يوم ما، وتجد الجميع يهرول مسرعًا إلى اللامكان، بل قد يعدو بكلّ ما أُوتيَ من قوة ليضع نقطة النهاية بكلتا يديه، ويحسب أنّه يُحسن صنعًا. من المريب ما آلت إليه أوضاع المجتمع من غشاوة اللامبالاة تجاه سيطرة الأفكار الدخيلة، وإزاحة ما هو أصيل وراسخ من المفترض ثبوته في ثنايا الشخصيات، فتجد الأغلب قد أسدل الستار على العقل ولو لمدّة مؤقتة، لكنّها كفيلة بإحداث كارثة أخلاقية قيمية تفتح الأبواب على مصراعيها أمام ذهاب العقل واستبداله بموجات من الجهل المركّب الذي لا يعي صاحبه مدى خطورة ما يقوم بفعله، حيث يتمسّك بكلّ ما أُوتي من قوة بما يشحن انطلاق مسيره للهاوية. وعلى سبيل المثال: مَن منّا لا يرغب بالنجاح؟ بكلّ تأكيد الكلّ يريد أن يستمتع بهذا الشعور الذي لا يضاهيه شعور من البهجة والسعادة العميقة، ولأجل نيل هذه المشاعر تجده يبادر إلى تبنّي المسمّيات الغريبة والدخيلة على المجتمع، وينحرف عن المسار الصحيح بصورة تدريجية بطيئة الحركة، وبآثار مدمّرة، فيستلهم خطوات النجاح الوهمي الدنيوي من غير مصادره الحقّة، كأنّ الأغلب يعتلي سطح مركب مزركش الألوان، لكنّه مهترئ الباطن لينزوي كلّ مَن عليه إلى جهة واحدة، حيث تشكّل المطامع الدنيوية فقط، فلا يكادون يرون شيئًا، وما إن يصبح المركب في وسط العاصفة الهوجاء حتى يبدأ الجميع بالصراخ بأعلى أصواتهم، لكن لا مجيب، فقد قتلتهم الدنيا شرّ قتلة. هنا نقف لبرهة من الزمن فيما بين النجاحين لننظر بعين الحكمة والتروّي، فنقيّم الوضع الحالي، ماذا نريد؟ علينا الاختيار: فإمّا النجاح الدنيوي، وإمّا النجاح الأخروي!! فماذا عسانا أن نختار؟ الإجابة في غاية الوضوح لمَن أراد النجاح الدائمي، فلكلّ عملية نجاح لابدّ من أثر في الشخص ذاته، من مشاعر سعادة واطمئنان، ومن ثم على المحيط القريب، وتلك المشاعر ناتجة عن الغايات الأخروية اللامتناهية، ومن ثمّ تثري جوانب علوّ الهمّة لدى الإنسان، فيقتحم مواطن الصعوبات، ويشيح بوجهه عن بهارج الدنيا وجمالها الزائل الذي لن يغريه مهما زادت سطوته، فما يحرّكه هو الطاقة الإيمانية التي لا تنفد مهما شحّت، فإنّها تعود للانطلاق بصورة أقوى وأسرع نحو أحد النجاحين، وأنتِ مَن تحدّدين أيّهما تريدين.