رياض الزهراء العدد 188 طفلك مرآتك
صَخَبُ التَّحَوُّلِ
لماذا لا يتصرّف المراهق بشكل محترم في المنزل؟ تزداد أحيانًا الحالات السلبية التي يقوم بها الأبناء، مثل سوء التصرّف، أو التحدّث بصوت عالٍ، أو بعض السلوكيات التي غالبًا ما تضعها الأسرة في خانة (قلّة الأدب(. يعيش المراهق صبيًّا كان أم فتاةً تحوّلًا أساسيًّا في مرحلة البلوغ من جرّاء تغيّر الحالة البايولوجيّة للجسم، وإفراز هرمونات البلوغ، ممّا يؤدّي إلى تغيّرات جسمية واضحة، واختلاف الرغبات التي قد تشعره بالانزعاج وعدم الاستقرار، فإذا أحسنت الأسرة التصرّف مع المراهق، وتعاملت معه باحترام وتقدير، من غير حواجز وبصورة صادقة، فأنّه سيتعامل هو أيضًا بهذا السلوك، فالأمور فعل وردّ فعل. والكثير من الآباء يتوقّعون الطاعة العمياء من قِبل أولادهم، وهذا الأمر مخالف للطبيعة التكوينية البشرية المجبولة على حبّ المعرفة والاكتشاف، ورغبات تحديد المصير والاختيار، ومن ثمّ نحن أمام كائنات تحمل كلّ مقوّمات الإنسانيّة من لحم، ودم، ومشاعر، وهذا النوع من التوقّع يولّد نوعًا من فقدان الثقة بالنفس عند الأبناء، مثلما أنّنا لا نبحث في حقيقة الأمر عن جهة نفرغ عليها رغباتنا السلطوية، بل نحاول مدّ جسور الترابط معهم من أجل التأثير الحقيقي والمباشر الذي يؤدّي إلى تصحيح السلوك على المدى البعيد. الآباء الأذكياء يستطيعون اكتشاف نقاط الضعف التي يعاني منها الأبناء بسهولة، والإسراع إلى حلّها بطرق تربوية حضاريّة، بدلًا من اللجوء إلى تفريغ الذات عن طريق إثارة المشكلة، أو محاولة حلّها بالضرب والصراخ، والتي تخلّف حلولًا وقتية في أفضل الأحوال، هذا إن لم تؤدِّ إلى انهيار كامل للبناء التربوي. بكلّ تأكيد يحتاج المراهق إلى نوع مضاعف من الاهتمام، لذا فإنّ وضعه في جوّ أسري هادئ ومنظّم من الناحية الإدارية يخفّف من حالات التوتّر والعصبية لديه. وقد تسوء الأحوال عند ازدياد توقّعات الأهل من المراهق لكونه أصبح كبيرًا ولا يحتاج إلى عناية دقيقة، ويستطيع الإسهام في إدارة شؤون المنزل، لكن هذه الانتقالة تحتاج إلى شيء من الصبر، والتحمّل، والإدارة الرشيدة، حتى تتمّ عملية التعوّد على تحمّل المسؤوليات بصفته فردًا راشدًا وبالغًا يستطيع القيام بمهامّه، بهدوء وسلاسة. ومن الحلول المقترحة يمكننا الإشارة إلى قوانين المنزل ومسؤوليّات كلّ فرد في وقت سابق في أثناء الجلسات الأسرية اللطيفة والحميمية، أو عند ممارسة بعض النشاطات الترفيهية، مثلما لا بدّ من التنبيه على ضرورة تنمية السلوك التعاوني لدى الأبناء منذ الصغر، فكلّما كانت العملية التربوية قد بدأت في سنّ مبكّرة كلّما انعكست نتائجها في مرحلة المراهقة بشكل أفضل.