مَلاكِي الحَارِسُ

خلود جبّار الفريجيّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 198

بعد انتهاء اليوم الدراسي، قال عليّ لمصطفى: فلنذهب إلى الحديقة لنلعب قليلًا، فرفض مصطفى مخافةَ أن تقلق أمّهما إذا تأخّرا، لكن عليّ أصرّ وتوسّل فوافق مصطفى وذهبا، وهناك انشغلا باللعب حتى مرّ الوقت بسرعة من دون أن يشعرا. كانت الأمّ تبحث عنهما بقلق شديد في كلّ مكان، وعند عودتهما إلى البيت صرخت فيهما ووبّختهما. قال مصطفى: إنّها غلطتي يا أمّي، فأنا أخذتُه إلى الحديقة ولم أنتبه إلى الوقت. فقامت الأمّ بمعاقبة مصطفى، ومنعته من الخروج من المنزل لبضعة أيام، وكانت تأتيه بالطعام إلى غرفته، فتنهمر دموعه من عينيه ويبتسم، ثم يبدأ بتناول طعامه. لم يفهم عليّ لماذا كان يشعر بالذنب، فقد تسبّب لأخيه بمشكلة، فجاء يواسيه معتذرًا، وقال: لقد خفتُ كثيرًا أن أعترف بغلطتي؛ لأنّ أمّي لا تحبّني مثلما تحبّكَ، فهي دائمًا تقول إنّكَ ولدها المطيع العاقل، لكنّي كنتُ أشعر بأنّ حبّكَ لي سينقذني. فقال مصطفى: حبيبي عليّ، هل تعرف بأنّكَ عندما أتيتَ إلى هذا العالم كنتُ أغار منكَ جدًا، لأنّ أمّي كانت تهتمّ بكَ كثيرًا؟ وأحسستُ أنّكَ أخذتَ مكاني في قلب والديّ، وكنتُ مستاءً جدًا، لكن أمّي قالت لي إنّها تهتمّ بكَ كثيرًا لأنّكَ لا تستطيع أن تأكل، والأمّهات يضعنَ الحبّ في الطعام، لذلك يصبح مذاقه طيّبًا، وإنّها ستضع لي المزيد من اليوم فصاعدًا، وأنّها يجب أن تهتمّ بكَ لأنّكَ ما تزال طفلًا ضعيفًا، ويجب عليّ أن أساعدها في رعايتكَ. فأنتَ أخي الصغير، وأنا مسؤول عن حمايتكَ، ورعايتكَ، ووضعتكَ بين ذراعيّ وابتسمتَ لي ابتسامةً ملؤها المحبّة، ومنذ تلك اللحظة عاهدتُ نفسي أن أحميكَ ممّا يؤذيكَ ويحزنكَ، وأن أكون ملاككَ الحارس، ويجب أن تعلم أنّ أمّنا غاضبة لأنّها تخاف علينا، فحتى غضبها يذكّرني بحبّها، فكلّما أحضرت لي الطعام أبتسم لأنّي أتذكّر تلك الحادثة وأبكي لأنّني أحزنتُها.