رياض الزهراء العدد 188 ألم الجراح
شُعَاعُ المَجدِ يَتَكَلَّمُ
هل أصبحت الحياة فارغه من كلّ شيء؟ هل مضى علينا يوم أطول من هذا اليوم؟ أو هل مرّ شهر أصعب من شهر كهذا؟ هل أصبح نهارنا متّصلًا بليالينا؟ أم غابت شمس الحقيقة مثلما اختفت الأقمار والنجوم من أفق المساء؟ هل ارتفعت أصوات اليأس فينا؟ أم اختبأت أكفّ الرجاء خلف أبواب الصبر؟ عجبًا كيف امتدّت أيادي الظلام لتنتهك حرمات الأنبياء وآل الأنبياء؟ أم كيف أنّ هذا الحقد المتعامي قد أعمى بصيرة تلك القلوب المتحجّرة، وتفاقم عماها وتزايد لتعود فتصبّ حقدها الأزلي من جديد على ضريح الأنوار، وتلفّ خيوطها السوداء على المنارتين لتجعلهما دكّاء! أيّ همّ أصابنا وأصابكِ ونحن نرى كلّ ذلك الزيف والوهم الذي ينشره أهل الباطل.. ليلمّعوا أفكارهم المشوّهة.. وأيّ همّ أكبر من رفع لواء الحقّ في زمن الفساد؟! مدينتي الشمّاء: فمنذ ذلك اليوم الذي دنّست الأيادي الخبيثة ضريحكِ المقدّس وبعدما تناثرت قبّتكِ الذهبية على الرمضاء حتى شعشع بين حنايا وزوايا جدرانكِ وميض ذو شعاع مبهر وفريد.. أخرج ما استودع الله فيكِ من إباء وشجاعة في الوقوف أمام ذلك المدّ الهائل من أهل الباطل.. شعاع حمل معنى النصر الذي سجّله إمامي الحسين (عليه السلام) في كربلاء، رسالة مدوّية وصلت إلى كلّ الإنسانية، مفادّها: كيف أنّ المظلوم يحمل معنى الانتصار عبر الدهور.. شعاع الولاية يتغلغل في القلوب، فتطأطئ له إجلالًا وإعظامًا، وتتفاخر بأنّها اهتدت بنوره المنبثق بالإيثار.. لم ولن يكون هناك عزّ كعزّكِ يا أرض الأنبياء والأوصياء.. فكلّ ذرّة فيكِ يا مدينتي جوهرة مقدّسة، ودرّة مطهّرة.. تفوح منكِ نسائم المسك ممزوجة بعبق ياسمين الماضي المتوهّج بأبهى الذكريات وأقدس الرؤى تسبّح ملائكة الرحمن في أرجائكِ.. تتجسّد الجنان في حضرتكِ؛ لتزقّ الوجود علمًا وتقىً وعطاءً.. وها نحن نستأذن أصحاب الفيض الملكوتي أن يشفعوا لنا عند الخالق جلّ وعلا.. بأن نكون في ضمن مدى شعاع هدايتكِ لتحيا قلوبنا وتتبارى ذرّات وجودنا في تقديم فروض الولاء لآل البيت (عليهم السلام).