المَوادُّ المُخَدِّرَةُ سِهامٌ سَامَّةٌ

سوسن بدّاح خياميّ/ لبنان
عدد المشاهدات : 177

من المتّفق عليه أنّ المخدّرات باتت من أكبر المشكلات عالميًا، وتسعى الدول جاهدة إلى محاربتها لما تسبّبه من أضرار صحّية، واجتماعية، واقتصادية، حيث يُعدّ الإدمان عليها من المشكلات التي تطال جميع المجتمعات بمختلف الطبقات من رجال ونساء، ومشاكلها في ازدياد وتفاقم. ويتمّ تعريف المخدّرات بأنّها كلّ مادّة تذهب بالعقل بشكل كلّي أو جزئي، سواء كانت طبيعية، أو مصنّعة، أو رقمية، وتجعل المتعاطي غير مدرك لما يفعله، وتسبّب اضطرابات في وجدانه، بحيث يسيطر عليه شعور بالسعادة وزيادة النشاط، وخلق عالم خيالي مليئ بالمتعة والحيوية، لكن ما يلبث أن يفيق سريعًا ليعود إلى الشعور بالإرهاق، والتعب، والندم. من أهمّ الأعراض التي تظهر على المتعاطي: ضعف الإحساس بالألم، وتنميل الأطراف، والقلق المستمرّ، والاكتئاب الشديد، والإمساك، وصعوبة الإدراك والتعبير، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والخمول، والكلام المبهم، وضعف الذاكرة، والغثيان، والضرر الأكبر يصيب الجهاز العصبي، فهو المستهدف الأول في عملية الإدمان برمّتها. ومن أضرارها النفسية والعقلية أيضًا: شعور دائم بالقلق، وخلل في المخّ يؤدّي إلى محاولة الانتحار، إضافة إلى العصبية الزائدة، وإهمال النفس والمظهر، وعدم القدرة على القيام بأيّ عمل أو نشاط بدني بسبب التخريف في الإدراك الحسّي، بخاصّة في السمع والبصر، والخلل في إدراك الزمن والمسافات والأحجام. وللمخدّرات أضرارها الاجتماعية، حيث تسلب القيمة الإنسانية لمَن يتعاطاها، فينقطع عن جوّ العائلة والمجتمع، وتنهار علاقاته على مستوى الأسرة والأصدقاء بسبب سوء سلوكه، ممّا يسبّب خلافات مع الأسرة والمحيط، وتنتهي بالمدمن إلى الانحراف، والرذيلة، والكذب، والغشّ وارتكاب المحرّمات والجرائم، فمدمن المخدّرات فاقد للوعي والسيطرة على نفسه، إضافة إلى خرق القوانين والعادات والتقاليد، ممّا يسبّب الفوضى والفساد في المجتمع، فالإدمان كلّه سلبيات تستهلك الجسم، والروح، والعقل، وتُفقد المتعاطي جميع مقوّمات الحياة الكريمة. وللقضاء على مشكلة تعاطي المخدّرات، يجب على الأسرة تربية أبنائها على القِيم، والأخلاق، والمبادئ الدينية، وحثّهم على طاعة الله تعالى، ومن ناحية أخرى يجب متابعة سلوك الأبناء وملاحظتها، ومحاورتهم والاستماع إلى مشاكلهم، ومراقبة سلوكهم وتصرّفاتهم، والسؤال عن أصدقائهم، وحثّهم على مصاحبة الأشخاص الصالحين، مثلما أنّ للمجتمع دورًا مهمًّا جدًا في نشر التوعية، وذلك بتكاتف أجهزة الإعلام، والتوعية داخل المدارس، والجامعات، والمنظّمات الكشفية، والأندية الرياضية، وأيضًا لرجال الدين دور في التوعية عبر المحاضرات في المساجد والجوامع. ويجب توعية الشخص المدمن على تلقّي العلاج وتشجيعه، وإعادة تأهليه ودمجه بصورة سليمة في المجتمع، ودعم مراكز مكافحة الإدمان بالمال والأطبّاء والاختصاصيين النفسيين، والأجهزة اللازمة. وتبقى الوقاية هي الأهمّ عبر الابتعاد عن أصدقاء السوء، ومحاولة شغل وقت الفراغ، وتأمين فرص العمل للشباب، والعمل الدائم على التوعية من مخاطر المخدّرات على الفرد، والأسرة، والمجتمع، وتشديد العقوبات على تجّار المخدّرات والمروّجين والمتعاطين نظرًا لخطورة هذه الآفة على مستقبل البشرية.