كَيفَ تَكُونِينَ صَاحِبةَ قَرارٍ؟

نرجس نعمة الجابري/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 189

أَولى الإسلام أهمّية كبيرة للمرأة لكونها الأمّ، والأخت، والزوجة، والبنت، وفي أيّ موضع تكون فيه عليها واجب كبير، وهو التوجيه والإرشاد والنصح، إذ بصلاحها يصلح المجتمع؛ لذلك لابدّ لها من ممارسة دورها بصورة صحيحة واعية عن طريق طرح الآراء والقرارات الصائبة والهادفة، وذلك بتتبّعها لمسار عقلائي معيّن، وقاعدة رصينة تضعها للأجيال؛ ليتمكّنوا من التمييز بين القرار الصائب وغيره. في ضمن هذا المسار أجرت مجلة رياض الزهراء (عليها السلام) استطلاعًا للرأي لنتعرّف على المحدّدات: ابتدأنا مع السيّدة سارة نعمة/ طالبة في قسم علوم القرآن والحديث ـ كلية الإمام الكاظم (عليه السلام) الجامعة للعلوم الإسلامية، إذ بيّنت قائلةً: إنّ تقدّم الأمم ونموّها وازدهارها، مرهون بصلاح المجتمع، وهذا الأمر لا يحصل بدوره إلّا بصلاح الأسر والعوائل، ومن هنا تبرز أهمّية المرأة في ذلك، فإنّ صلاح الفرد والأسرة يكون غالبًا بسبب حُسن التربية المستمدّة من الأبوين بشكل عامّ، والأمّ بشكل خاصّ، ومن هنا كان على المرأة أن تعرف أهمّية قرارها، وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، وهذا من الممكن أن يحصل عن طريق أمور عديدة, أهمّها: - عدم الاستعجال: يُفضّل في القرارات العقلانية عدم اتّخاذها في الأوقات التي يكون فيها الشخص متوتّرًا أو مشغولًا بأمر ما، أو قلقًا، فالعقل في هذه المرحلة يكون مشوّشًا، لذلك إذا واجه الشخص قرارًا صعبًا ومعقّدًا، فيجب عليه أن يقوم بجمع المعلومات اللازمة عن موضوع القرار الذي يتوجّب عليه أخذه، ثمّ أخذ الوقت الكافي للتفكير فيه بعقلانية، مثل الذهاب في نزهة والتأمّل، فلا بدّ من إعطاء العقل الوقت الكافي للتفكير بوعي وعقلانية بعيدًا عن التوتّر. - الحصول على النصيحة: تحتاج بعض القرارات إلى النصيحة من أشخاص متخصّصين وخبراء في مجالهم، وذلك حتى لا تكون النصيحة سلاحًا سيّئًا، فبدلًا من الاستفادة يمكن أن يتعرّض الشخص للضرر، لذلك يجب الانتباه إلى الأشخاص الذين تُطلب منهم النصيحة. - التغلّب على عادة المماطلة: من المهمّ التغلّب على التأجيل، وعدم الخوف من اتّخاذ القرار. بعدها كان الحديث للسيّدة بلسم حميد/ مهندسة كهرباء وإلكترونيك، إذ بيّنت: بشكل عامّ لا تختلف وجهة نظري عمّا يفكّر به الكثير، فأولى الخطوات هي التعليم، ودليل ذلك أنّ الإسلام حرص كلّ الحرص على أهمّية التعليم، مثلما جاء في قوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (الزمر: 9)، ومن هذا المنطلق فأنّ التعليم مهمّ للمرأة؛ كي تصلح ذاتها وأسرتها لكون مَهمّة تربية الأبناء تقع على عاتقها بالأساس، ومن ثمّ فأنّه عندما تصلح المرأة يصلح المجتمع لما لها من تأثير في الرجل، سواء كان أبًا، أو زوجًا، أو أخًا، أو ابنًا، فهي التي تحرص على متابعة الأبناء، وسلوكياتهم، وعباداتهم، وتحصيلهم العلمي منذ الصغر، وبذلك هي المسؤولة عن تربية أجيال المستقبل الذين يبنون الوطن، إذ يُعدّ التعليم أكثر الخطوات أهمّية في تمكين المرأة في مجتمعها؛ لتصبح ذات قرار مؤثّر؛ لكون العلم والتعلّم يصنع هدفًا رائعًا للسعي وراء الحصول على ما يرغب به الإنسان، وبدون هدف واضح يضيع العقل، ويغيب عن الواقع. وممّا لا شكّ فيه مدى تأثير كلّ من المدرسة، والجامعة، والإعلام في رسم دور المرأة، والمكانة التي يجب أن تكون عليها ممّا يسمح به الدين، كذلك للمرأة القدرة في اتّخاذ القرار بشأن تحديد ما يتعلّمه الأبناء، ومن الممكن ملاحظة قدرة المرأة المتعلّمة العاملة على اتّخاذ القرار، واختيار الشريك المناسب، وحلّ المشكلات بدرجة أكبر من المرأة غير المتعلّمة وغير العاملة، ولا يعني ذلك التقليل من قيمة المرأة غير المتعلّمة, ولو عدنا بالزمن إلى الوراء لوجدنا أنّ الكثير من الجدّات والأمّهات كنَّ صاحبات قرار ورأي مسموع داخل الأسرة، حتى القبيلة، بسبب الثقة المكتسبة من الأهل. وقالت السيّدة زهراء صالح/ طالبة في كلية التربية ـ جامعة بغداد: بحسب رأيي أنّ الأساس هو الثقة والقوّة لدى المرأة، فإنّها إن تمتّعت بها أصبحت صاحبة قرار، ولها كلمتها، سواء كانت داخل مجتمع عامّ، أو في عائلتها، وأهمّ شيء هو أن تكون ذات شخصية قوية، فضعفها يضعف قراراتها، ويلزمها أيضًا أن تكون صادقة في الوقت نفسه، فعند اتّخاذها قرارًا معيّنًا، فلابدّ من أن تتحمّل كافة تبعاته. بينما قالت السيّدة غدير يوسف/ مهندسة مَدنيّة: برأيي المتواضع أنّه أولًا وقبل كلّ شيء لابدّ من التوكّل على الله وطلب المعونة منه، ومن الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف)، وبعد ذلك أفكّر في أنّه لا يجوز أن أتّخذ قرارًا وأنا في إحدى هذه الحالات: الحزن، الغضب، أو ما شابه ذلك؛ لأنّ اتّخاذ القرار في حالات كهذه قد تكون عواقبه وخيمة، ثانيًا: أستشير الآخرين ممّن هم أكبر منّي سنًّا، وأكثر منّي معرفةً، حتى لو كانوا أصغر سنًّا فلا مانع في ذلك، فالمهمّ معرفتهم بالموضوع الذي أودّ أن أتّخذ فيه قرارًا ما، فالاستشارة من وصايا رسولنا الكريم (صلّى الله عليه وآله)، وأن أفكّر جيدًا، وأعتبر من التجارب التي مررتُ بها سابقًا، أو مرّ بها أحد غيري، لأتعلّم منها أكثر بشأن الموضوع الذي أنا بصدد البتّ به، ومن ثمّ سيتّضح لي كيف أتصرّف، وكيف أتّخذ القرار الصحيح، ولابدّ من أن أثق بنفسي وبقدراتي بمجرّد اتّخاذ القرار، فلا أندم عليه أبدًا، فإنّ التغيير في أيّ مجال من المجالات سيكون مخيفًا في بادئ الأمر، وفي بعض الأحيان أتّخذ قرارات مصيرية، فخوض المجهول صعب أيضًا، لكنّي آخذ بالأسباب المذكورة، وأسلّم الأمر لله جلّ وعلا في النتائج، فأتقبّلها برحابة صدر، وأشكر الله على ذلك. وشاركت السيّدة دانية لؤي/ طالبة هندسة كيميائية برأيها قائلةً: لابدّ للمرأة من أن تتّبع منهجًا خطّه الإسلام بقلم عريض، فتجعل سيّدة النساء (عليها السلام) قدوتها، ورضا الله هدفها ومبتغاها، ومن أجل أن تتّخذ قرارًا ما، لابدّ من أن تكون ذات معرفة بما تقوم به، فتقارن وتوازن بين حقّ العمل وحقّ الله، مدركةً أنّ اسمه (الرقيب) يحيط بها، فتحاول جاهدةً أن تجعل خشية الله نصب عينيها قبل اتّخاذ أي قرار، وفيه، وبعده. تُحلّ المشاكل بعيدًا عن كتلة العاطفة التي تميّز المرأة، فتطرح أفكارها وفق منهج الحقّ، ثم توازن بين عملها وبيتها، فتزرع بأثرها نبتة تنمو في ظلّ المجتمع بتوفيق من الله والعترة الطاهرة (عليهم السلام).