رياض الزهراء العدد 189 عطر المجالس
"المَواعِظُ كَهْفٌ لِمَن وَعَاهَا"1
أكّد الشارع المقدّس على أهمّية الموعظة عن طريق الآيات الكريمة والأحاديث والروايات الشريفة؛ لتأثيرها الإيجابي في تصحيح الخطأ وتقويم العوج، وهذا ما يحتاجه كلّ فرد، بل المجتمع للوصول إلى الرقيّ ثم إعمار الأرض مثلما أراد الله تعالى. - زهراء: أرجو من سيّداتي الفاضلات أن يكون الحديث عن الموعظة والنصيحة، فأنا أشعر بخيبة الأمل، فقد توقّعت ردًّا جميلًا من زميلتي بعد تنبيهي إياها على تصرّف خاطئ. - أمّ عليّ: حبيبتي، كلّ انسان يحتاج إلى النصيحة لتقويم تصرّفاته، فنحن بوصفنا بشرًا معرّضون للخطأ والغفلة، والتنبيه سيكون بصالح الجميع. - أمّ زهراء: وهي سنّة الله في خلقه، فهو قد بعث الأنبياء والرسل ناصحين هادين إلى سبيل الرشد. - زهراء: كنتُ أقرأ قوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (النحل: 125)، فأحببتُ تطبيق مضمونها. - أمّ جواد: بوركتِ يا بنتي، فالقرآن يجب أن يبقى الدستور الأول لمنهاج حياتنا. - أمّ حسين: والموعظة حقّ من حقوق الأخوّة والإخلاص في المودّة، وفي هذا يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "ما أخلص المودّة مَن لم ينصح"(2)، فلا يُحسب على الأخوّة مَن يترك أخاه يسير في الضلال ولا ينبّهه. - أمّ جعفر: لذا على المستمع للنصيحة قبولها ففيها صلاحه وحمايته، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "رحم الله امرأً سمع حكمًا فوعى، ودُعي إلى رشاد فدنا"(3). - زهراء: إذن لِمَ الجفاء؟ - أمّ حسين: ربّما كان أسلوبكِ قد سبّب لها الحرج أو الأذى. - أمّ عليّ: حتى تؤتي النصيحة ثمارها فعليكِ اختيار الوقت المناسب، وأن يكون مَن تريدين موعظته مهيّئًا لقبولها. - أمّ زهراء: ومنها ألّا يكون الوعظ على مرأى ومسمع من الناس مثلما قال الإمام العسكريّ (عليه السلام): "مَن وعظ أخاه سرًّا فقد زانه، ومَن وعظه علانية فقد شانه"(4). - أمّ عليّ: الإنسان بطبعه لا يحبّ إظهار عيوبه أمام الآخرين، وربّما أخذته العزّة بالإثم، فيلجأ إلى العناد. - أمّ حسين: ينبغي للناصح الواعظ أن يبدأ بنفسه، عاملًا لوجه الله، فعن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "إنّ أنصح الناس أنصحهم لنفسه، وأطوعهم لربّه"(5). - أمّ زهراء: اللهمّ اجعلنا ناصحين عاملين بما ترضى. ................................................. (1) (اَلْمَوَاعِظُ كَهْفٌ لِمَنْ وَعَاهَا) غرر الحکم ودرر الکلم , ج1 , ص60 (2) ميزان الحكمة: ج ٤، ص ٣٢٧٨. (3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ٦، ص ١٧٢. (4) ميزان الحكمة: ج ٤، ص ٣٥٩٩. (5) نهج البلاغة، خطب الإمام عليّ (عليه السلام): ج ١، ص ١٥٠.