رياض الزهراء العدد 189 طفلك مرآتك
إِيقافُ السُّلوكِ السَّيِّئِ لَدى الأَطفالِ
يواجه الآباء عند تربية أطفالهم العديد من السلوكيات غير المقبولة التي تسبّب لهم الإرباك والانزعاج، فمثلًا يصدر عن بعض الأطفال السلوك العدوانيّ، أو العناد، أو الكذب، وغيرها من السلوكيات غير المناسبة لدى الأهل، التي تنعكس بصورة سلبية على الآباء أولًا، وعلى الطفل نفسه ثانيًا من الناحيتين الاجتماعية والنفسية، فضلًا عن تداعياتها المستقبلية عليه. ولهذه السلوكيات أسباب عديدة، منها جهل الطفل بالطرق الصحيحة في التصرّف والتفكير؛ لعدم امتلاكه المعرفة والعلم، إذ إنّ الكثير من التصرّفات قد تعلّمها أو اكتسبها من بيئته الأسرية، أو من أقرانه، ولا يخفى بأنّ للطفل قابليةً كبيرةً على تقليد الآخرين، سواء في السلوكيات الحَسنة أو السيّئة، مثلًا الطفل الذي يلاحظ أمّه أو أباه يكذبان أو يسرقان، فسيقلّدهما في ذلك، وكذلك الحال في أيّ سلوك آخر، وإذا لم يقم أحد بتعليمه السلوكيات الحَسنة التي تقابل تلك السلوكيات الخاطئة، فمن المرجّح أن تترسّخ هذه الأخيرة لديه وتنمو. وبعد دراسة حالات عديدة من هذه السلوكيات، وضع المتخصّصون في المجال التربوي أسسًا وأساليب خاصّة لإيقاف هذه السلوكيات غير المناسبة لدى الطفل أو التقليل منها، ومن هذه الأساليب أسلوب التعليم والتوجيه، أي تعليم الطفل السلوك الصحيح والتصرّف السليم، مثلًا الطفل الذي يتكلّم مع الآخرين بكلام بذيء، يتمّ تعليمه بطريقة مرنة كيفية التكلّم مع الآخرين بشكل لطيف، أو الطفل الذي يلجأ إلى التخريب والتكسير عند الغضب، فلابدّ من تعليمه كيف يعبّر عن مشاعره بطرق سليمة، وغيرها من السلوكيات غير المناسبة. ولكلّ سلوك أسلوب خاصّ به لإيقافه أو تقليله، فلا ينفع أسلوب واحد مع جميع أنواع السلوك، فقد رُوي أنّ أحدهم شكا إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) بأنّ له ابنًا لديه مشاكل في سلوكه، فكان جواب الإمام (عليه السلام) له: "لا تضربه، واهجره ولا تطل"(1)، فهنا نهى الإمام (عليه السلام) عن الضرب، وطرح أسلوبًا آخر، وهو الهجران لمدّة مؤقتة، ليست طويلة. ومن الأساليب الأخرى التي يذكرها المتخصّصون في التربية لإيقاف السلوكيات غير المناسبة أو تقليلها، هو أسلوب (تكلفة الاستجابة)، أو ما يُسمّى بأسلوب الغرامة، أي أنّ قيام الطفل بسلوك غير جيد سيكلّفه شيئًا، مثلًا الطفل الذي يكذب، يكلّفه هذا السلوك الحرمان من مشاهدة التلفاز لمدّة يوم أو يومين، أو الطفل الذي يؤذي أشقّاءه كثيرًا، يُحرم من اللعب بألعابه، وهكذا، وعند استخدام هذا الأسلوب فمن الضروري جدًا أن يتمّ توضيح سبب العقوبة للطفل، فنقول له مثلًا: نحن منعناكَ من اللعب بألعابكَ؛ لأنّكَ تسبّب الإزعاج لإخوتكَ. وهناك العديد من الأساليب التي ذكرها المتخصّصون بحسب نوع السلوك، لا يسع المجال لذكرها. ................. (1) بحار الأنوار: ج ١٠١، ص ٩٩.