رِسَالَةٌ تَمشِي عَلى الأَرضِ

خلود ابراهيم البياتي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 254

انبلج الصبح فوق أرجاء البسيطة، وأرسلت الشمس أشعّتها الذهبية البهيّة لتنشر الأمل والتفاؤل بالقادم الجميل، فترى مَن يبدأ يومه بالاستعانة بالله سبحانه وتعالى، ويتّكئ على حُسن الظنّ به، ويتّجه إلى حيث الرزق الوفير، من الصحّة، والعلاقات الطيّبة، والقيام بالأعمال في سبيل الله مهما كانت بسيطة، فهو مدجّج بسلاح الحقيقة بأنّ كلّ ما هو من عند الله خير، في حين أنّ هناك على الضفّة الأخرى مَن يبدأ يومه بكلّ علامات الضجر، والشعور بعدم الرضا، وتمنّي الحصول على ما يتمتّع به غيره، وذلك من جرّاء وجود فراغ وتزعزع إيماني في حياته، سواء في الوقت الحالي أو سابقًا في مرحلة ما من حياته، فانعكست على طريقة تفكيره الآن. ولنعرّج بالحديث على العنوان: (رسالة تمشي على الأرض)، فلو قلنا لأحدهم: إنّكَ رسالة إنسانية، حياتية، شرعية، لكَ كامل الصلاحيات في ترميم نقاط الضعف التي لا تتناسب مع المجتمع، فستجده يسارع بالردّ بأن لا علاقة له بالموضوع!! وأنّ كلّ ما حوله غير صحيح، فلا دور له في كلّ ما يحدث، وعليه ستحكم طريقة تفكيره بأن لا فائدة من أيّ شيء، ليبقى الوضع على ما هو عليه. هنا يأتي الدور الفعّال للفئة المُصلحة في المجتمع لبيان أهمّية كلّ فرد فيه، وأنّ الشخص الواحد يمثّل عائلة كاملة مهما قلّ عدد أفرادها، ولهم الدور المهمّ والأساس في العملية الإصلاحية، مثلما قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام): "...لأن يهدي الله على يديكَ رجلًا، خير لكَ ممّا طلعت عليه الشمس وغربت..."(1)، من هذه الكلمات القليلة والدقيقة المعنى، نتلمّس أهمّية العمل الجادّ، النابع من إخلاص النيّة لله سبحانه وتعالى، ونبحث عن القلم والقرطاس لنشرع بتدوين ما يجول في خاطرنا من أفكار وأحلام وأمانيّ؛ لنقوم بعدها بنقد تلك النقاط، وإخراج الغثّ من السمين، والانطلاق نحو تحقيق ما نتمكّن منه في مدّة ممكنة ومحدّدة. ولأجل ذلك يجب علينا أن نثبّت الأساس القويم، والخطوط العريضة لرسالتنا في الحياة، فليس من الصحيح أن يعيش الإنسان بشكل عشوائي، يتخبّط في الأفكار والقرارات، ومن ثمّ تخيّم على حياته غيمة التشاؤم السوداء، فيتمسّك بالقول المنتشر: (لا فائدة من أيّ شيء)، بل على العكس تمامًا، أي من واجبه أن يستشعر بأنّه كلّه وليس جزءاً منه يمثّل رسالة إصلاحية تمشي على الأرض، فليبادر إلى فعل كلّ ما هو صحيح، وينشر الصلاح من حوله. ............................ (1) ميزان الحكمة: ج ٤، ص ٣٤٤٣.