رياض الزهراء العدد 190 تمكين المرأة
الجَورَبُ المَثقُوبُ
تحوّلت حياتي إلى مرارة لا يمكن تحليتها برطلٍ من العسل، كلّ الطرق التي سرتُ فيها كانت مغلقة، لم أعد أستطيع تحمّل غضبه المستمرّ، ولسانه الطويل، وزعيقه النتن، هل يمكن أن يغضب شخص لأمر تافه كلّ يوم؟! والتوافه في الحياة كثيرة، مثل الثقوب التي تصيب الجوارب، لا يترك زوجي صغيرة ولا كبيرة إلّا ويلاحظها، يتدخّل في كلّ شيء، ماذا آكل، وماذا ألبس، وأين أذهب، ومع مَن أتكلّم، متى أنام، ومتى أستيقظ! حتّى المشدّ الذي كنت أشدّه بعد الولادة كان يذكّرني بارتدائه إذا ما نسيتُ! تُرى كيف لا يفوته شيء؟! كأنّه واجب مدرسيّ عليه الإتيان به بأدقّ التفاصيل، لقد وصلتُ إلى المرحلة الأخيرة من اللعبة، إمّا أن أتسلّل من نافذة الحياة إلى مداها الواسع، أو أغلقها وأقبع في ذاتي، أعايش الضعف والتقهقر المتواصل، فأصبح في نهاية اللاشيء، ويصبح هو كلّ شيء. كثيرًا ما تعايش الزوجة رجلًا متسلّطًا يفرض وجوده الذكوريّ الموروث، ويبسط سلطانه وجبروته المطلق في مملكة الأسرة، هذا هو الطابع الغالب الذي نعيشه بنسب متفاوتة في كلّ شعوب المنطقة تقريبًا، مثل غمامة تأبى الانقشاع، لكن هل سألت الزوجة نفسها: ما الذي أدّى إلى استفحال الوضع وخروجه عن السيطرة؟ هل حاولت يومًا البحث عن السبب؟ ألا يمكن أن يكون الأمر بمنزلة الفعل وردّ الفعل؟ لا يمكن توصيف العلاج في نسخة وتعميمها على الجميع، تستطيع المرأة بما تملكه من ذكاء وحنكة إيجاد الحلّ الأمثل لهذه المشكلة بالطرق السلميّة التي تلائم أسرتها، فتغيير العادات والسلوكيّات في المأكل، والملبس، والتصرّف، واللباقة، والاهتمامات، كفيلة بتغيير الرجل. اتّخذي موقفًا إذا كان هناك ما يهمّكِ، إذا جُرِحَت مشاعركِ أو رغبتِ بأمر ما، إذا كان شيء ما يؤذيكِ بشدّة ويخلق فيكِ دوّامةً من الفرح أو العكس، طوفانًا من الغضب والاستياء، اتّخذي موقفًا ولا تتظاهري باللامبالاة، فلو استمررتِ بهذه الطريقة، فلن تجدي السبيل أبدًا إلى علاقة حقيقية تمتاز بالصدق والأمانة. يكره أغلب الرجال المرأة الضعيفة والخاضعة، ويحترم القويّة التي يستطيع أن يناقشها في همومه ومشاكله، المرأة التي لا تخضع لتوافه الحياة، بل تجد دومًا لونًا مناسبًا تخيط به الجورب المثقوب.