رياض الزهراء العدد 190 التربية الرقمية
البَدِيلُ السَّلبِيّ لِلسَّيطَرَةِ عَلى مُستَوَياتِ نَشاطِ أَطفالِنا
التغييرات الكبيرة التي طرأت على عالم التكنولوجيا، أنتجت تفاعلًا قويًا ومؤثرًا، يغذّي ثقافة المستخدم وسلوكياته، وأهدافه، ورغباته، فألقت بظلالها على البيئة المجتمعية بجميع مكوّناتها، من الأسرة، والمؤسّسات، والجماعات، لتصبح عادات، وقِيمًا، وتوجّهات ذات طبيعة إيجابية أو سلبية. ومن ثمار هذا التفاعل ظهور سلوك سلبي أصبح شائعًا في الآونة الأخيرة، يعدّه الوالدان حلًّا مناسبًا وسريعًا، ألا وهو إعطاء الطفل كثير الحركة والنشاط الهاتف ولساعات طويلة، ليرتاح الأهل من مشاكساته، وتعكير مزاجهم، والغضب والعصبية التي يسبّبها لهم، كذلك بالنسبة إلى الطفل كثير البكاء والصراخ، أو الذي يتكلّم ويثرثر بشكل كبير، فيعدّه الآباء أمرًا يجلب الصداع لهم، فيلجؤون إلى الهواتف الذكية بجعلها وسيلةً لإسكاته. وباتت هذه الوسيلة الأفضل عند أغلب الآباء، بل هناك مَن يجبر طفله على استخدام الهاتف، غافلًا عن كون هذه الطريقة تسهم في إدمانه، سواء علموا بخطورة فعلهم هذا عليه، أم لم يعلموا. إنّ نشاط الطفل وحركته الكثيرة سببها حبّ الاكتشاف والتجربة، وهو أمر طبيعي وصحّي ما دام لم يفعل أشياء سيّئة بشكل متكرّر، مثل تكسير الأغراض أو تعطيلها، أو افتعال شجارات دائمة مع إخوانه، فما عدا هذا، كلّ حركاته صحّية وجيّدة له. ومن جانب آخر أنتج التفاعل مع العالم الرقمي سلوكيات جديدة، فبات الأهل يعدّون طفلهم الذي يجلس طوال اليوم بدون حركة أو لعب، ويقلّب في هاتفه الجوال فقط مؤدّبًا، وهو أمر مخالف لما يوصي به المتخصّصون من ضرورة تقليل وقت جلوس الطفل، بل زيادة وقت لعبه وحركته، للإبقاء عليه في صحّة تامّة. هناك بعض الحلول المناسبة التي يوصي بها المتخصّصون للسيطرة على مستويات النشاط المرتفعة عند الأطفال، من شأنها ضبط سلوكهم وتقويمه، منها الزيارات المتكرّرة للأماكن المفتوحة مثل الحدائق والمتنزّهات، والسماح لهم باللعب بحرّية؛ للتنفيس عن طاقاتهم العالية، ومشاركتهم اللعب، ووضع نظام لتصرّفاتهم داخل المنزل، مثلًا تحديد أوقات الأكل، والدراسة، واللعب، والنوم، وفي حال مخالفتهم النظام، يتمّ معاقبتهم بطرق تربوية، بعيدًا عن العنف الجسدي والمعنوي. وكذلك ينبغي تشجيعهم ومدحهم دائمًا، ومناداتهم بألقاب جميلة، من قبيل الطفل اللطيف، المؤدّب، العاقل؛ لتؤثر فيهم إيجابًا حين يسمعونها، والابتعاد عن الألفاظ المسيئة، مثل المشاكس، المتمرّد، الثرثار، العنيد.