رياض الزهراء العدد 190 طفلك مرآتك
العِنادُ عِندَ الأَطفالِ وَكَيفِيَّةُ التَّعامُلِ مَعَهُ
ليست المشكلة في عناد الطفل، فهو أمر طبيعي، بل السؤال هو كيف نتعامل مع الطفل العنيد؟ فكثير من الأمّهات لا يملكنَ حلولًا، فيبدأنَ بمسايرة الطفل وإعطائه ما يريد من دون التفكير بكيفية علاجه، فالعناد قد يؤدّي في كثير من الأحيان إلى عدم السيطرة عليه، فيكون بذلك بداية لمشكلة أكبر، ألا وهي الدلال المفرط المؤدّي إلى عدم المساواة والتفرقة بين الأبناء من جهة، ومن جهة أخرى لا يمكن للوالدين تربية الطفل تربية صحيحة، فكلّما حاولا، فسيقف عناده حجر عثرة أمامهما. والعناد يختلف في قوّته وحدّته من طفل إلى آخر، إذ يتّصف الطفل العنيد بإصراره على تنفيذ السلوك المخالف للآخرين، وعدم التراجع عنه، حتى لو استُخدمت معه القسوة لإجباره على قبول السلوك الذي يريده الوالدان، وهذا بحدّ ذاته أمر يعيق عمل الوالدين في تنشئته وتربيته؛ لأنّ أوامرهما مرفوضة، وغير مطاعة. فوائد العناد: لعناد الطفل فوائد قد نغفل عنها؛ لأنّنا نعدّه أمرًا سلبيًا غير محبّب، ويرهق الوالدين، لذلك لا نرى الفوائد التي تكون من صالحه، ولو انتبه الوالدان لها فقد تكون بصالحهما، فعن طريق العناد يثبت الطفل ذاته، ويؤكّد للوالدين بأنّه قادر على الانفصال عنهما، فيستطيع ممارسة حياته من دونهما، فهو بذلك غير تابع لهما، وهذا السلوك إيجابي، وحالة صحّية تنمّي من إمكاناته، ومن ثمّ تكوين شخصيته، فهو بذلك يؤكّد قدرته على اتّخاذ القرارات، وهذا ما يُعرف في حياة الطفل بإثبات الذات، وهي مرحلة يمرّ بها جميع الأطفال، لذلك نجد في بعض الأحيان أنّ العناد صفة مستحبّة ومقبولة إذا لم يكن مبالغًا فيها، فهو يقوّي الثقة بالنفس لدى الطفل، فالعناد الطبيعي غير المفرط، دليل على استقلالية الطفل وقوّة شخصيته، والطفل الذي لا يملك العناد الطبيعي، تكون شخصيته ذات خضوع واستسلام، فنراه مستقبلًا خجولًا، وانطوائيًا، وخائفًا، ومتردّدًا. أضرار العناد: أمّا أضراره، فهو يولّد طفلًا لا يستجيب لأوامر الوالدين ولا يطيعهما في شيء، فيكون بذلك قد أضرّ بتربيته التربية الصحيحة، وهذه أهمّ نقطة يركّز عليها الوالدان في تربية أبنائهما، فالطاعة تنشئ طفلًا متربّيًا على القيم والمبادئ في المجتمع الذي يعيشون فيه. كيفية التعامل مع الطفل العنيد: عند التعامل مع الطفل العنيد فعلى الوالدين الابتداء بالعقاب الصحّي، بعيدًا عن ضربه، أو التقليل من شأنه، وعليهما التفكير في العقوبة التي تنفع معه، فهما أكثر معرفة به؛ لأنّ نوع العقاب يختلف من طفل إلى آخر من حيث التأثير، فقد تعاقب الأمّ ولدها بحرمانه من الهاتف الذي يحبّه، أو بعدم خروجه من البيت للعب مع أصدقائه، أو بعدم ممارسة أفعال يحبّها، وهذه الوسائل قد تكون نافعة مع طفل، وغير نافعة مع الآخر. والحذر كلّ الحذر من استخدام الوالدين أسلوب الضرب، والسبّ، والشتائم مع طفلهما أمام الآخرين؛ لأنّ ذلك سيشعره بالانكسار والمهانة، بل عليهما مدحه عند قيامه بعمل جيد، مثلما عليهما اجتناب إطلاق وصف (العنيد) أمامه، واجتناب مقارنته بالأطفال الآخرين، كأن نقول له هؤلاء ليسوا عنيدين مثلكَ. وأخيرًا، علينا أن نفهم وندرك أنّ تربية الطفل ليست بالأمر السهل، لاسيّما عندما يكون عنيدًا، فعلينا أن نتحلّى بالصبر والحكمة، وعدم اليأس أو الاستسلام للأمر الواقع.