رياض الزهراء العدد 190 تاج الأصحاء
مَجالاتُ تَثقِيفِ الأَفرادِ ثَقافَةً صِحِّيَّةً
الأفراد هم مَن يؤلّفون المجتمع، والتجمّعات الاجتماعية أولها وأصغرها الأسرة، (فسلوك الفرد المتّبع من قِبله سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا، إنّما هو انعكاس لما اكتسبه من محيطه العائلي في الأساس)(1)، ثم من التجمّعات الأخرى، متمثّلًا بالمدرسة، ومحيط العمل، وغيره، فإن سار على الصواب، كسب صحّته، وإن سار على الخطأ تدهورت صحّته، والوسيلة الفعّالة والرئيسة في تحسين صحّة المجتمع هي الثقافة الصحّية التي تتحقّق عن طريق رفع مستواها لدى الأفراد، والمقصود بها (عملية ترجمة الحقائق الصحّية المعروضة إلى أنماط سلوكية صحّية سليمة على مستوى الفرد والمجتمع، بهدف تغيير الاتجاهات والعادات السلوكية غير السويّة، وكذلك مساعدة الفرد على اكتساب الخبرات، وممارسته العادات الصحّية الصحيحة)(2), ومن أهمّ ركائز الثقافة الصحّية هو الآتي: 1- الأسرة: ورد في الدستور العراقي لعام (2005م): (للأولاد حقّ على والديهم في التربية والرعاية والتعليم، وللوالدين حقّ على أولادهم في الاحترام والرعاية، ولاسيّما في حالات العوز والعجز والشيخوخة) (3)، فعند قراءة هذا النصّ نرى أنّ المشرّع العراقي قد طالب الأولاد، وهم فرد من أفراد الأسرة برعاية والديهم، مثلما أوجب على الوالدين رعاية الأولاد، وعليهم أن يكتسبوا الثقافة الصحّية اللازمة لأداء هذه المَهمّة. 2- المدرسة: لها دور رئيس في حياة الفرد وتحسين اتّجاهاته، وغرس سلوكيات وعادات إيجابية، مع التأكيد على أنّ المدرسة بصفتها مؤسّسة لم يقتصر دورها على التعليم فقط، بل التربية والتعليم في آن واحد، ويكمن دور المدرسة في ما يأتي: أ- تعليم السلوك الصحّي عن طريق توفير الفرصة للمعلّمين والتلاميذ للاشتراك في مجالات مكافحة الأوبئة والأمراض المعدية. ب- تعليم التلاميذ كيفية الحفاظ على صحّتهم، ومواجهة الظروف الطارئة، والإسعافات الأولية. ج- جعل التلميذ حلقة وصل بين المدرسة والبيت ليصبح هو مَن ينقل الثقافة الصحّية؛ ليرفع المستوى الثقافي لدى الأسرة بنقل ما هو جديد في هذا الجانب. 3- المجتمع: ورد في ديباجة منظّمة الصحّة العالمية: (الرأي العام المستنير والتعاون الإيجابي من الجمهور لها أهمّية قصوى في تحسين صحّة البشر) (4)، لذلك يُعدّ المجتمع أهمّ البيئات التي توفّر الفرصة للفرد لكسب سلوكيات وعادات وتقاليد صحّية، ويتمّ ذلك عادةً عن طريق إلقاء الخُطَب، والمواعظ في التجمّعات المختلفة. ومن كلّ ما ذُكِر يمكن القول إنّ تعدّد المجالات التي تنقل إلى الفرد الثقافة الصحّية نظرًا لتعدّد مراحل حياة الفرد على الرغم من اختلاف خصائص كلّ منها، تبقى حلقة وصل متداخلة متشابكة، وإحداها تؤثر في الأخرى، (فمتى ما تشبّع الفرد في هذه المراحل بالإرشادات الصحّية الوافية واللازمة، فسوف تتحوّل كلّ هذه المعارف إلى أنماط صحّية، وممارسات ملموسة) (5). ............................................................. (1) عصام أحمد محمّد، النظرية العامّة للحقّ في سلامة الجسم، دراسة جنائية مقارنة، ط٢، القاهرة، دار النهضة العربية، ١٩٨٨م، ص١٢. (2) أحمد محمّد بدح وآخرون، الثقافة الصحّية، الأردن، دار المسيرة،٢٠٠٩م، ص١٤. (3) الدستور العراقي لعام ٢٠٠٥م. (4) دستور منظمة الصحّة العالمية، عام ١٩٤٨م المعدل، ذكر في الديباجة. (5) بن غذفة شريفة، السلوك الصحّي وعلاقته بنوعية الحياة، دراسة مقارنة بين سكّان الريف والمدينة، جامعة محمّد خضير، بسكرة، لسنة ٢٠٠٦م، ص44.