رياض الزهراء العدد 190 تاج الأصحاء
جُنُونُ العَظَمَةِ
شعور الفرد بأنّه محطّ اهتمام الجميع، وأنّ كلّ الأفراد يتهافتون للاستفادة منه، فالمصاب بهذا المرض مُعجب بذاته بشدّة، ويعاني من عدم الثقة بالآخرين كالأصدقاء والأحبّة، ودائمًا ما يشكّ في تصرّفاتهم وأنّهم يخدعونه، مثلما أنّه لا يبالي بتكوين علاقات اجتماعية، ويشعر بأنّه على حقّ، وأنّه لا يخطئ أبدًا، ولا يستطيع أن يسامح الآخرين، إضافة إلى عدم تقبّله النقد، وحسّاس بشكل مفرط تجاه الإهانات التي يتصوّرها في ذهنه، فيتصرّف بعدوانية كرّد على الهجمات المتخيّلة، ويشعر بمزيج من الضيق والقلق والغضب والارتباك، ويكثر من الجدال، والكلام، والانتقال من موضوع إلى آخر من دون توقّف، أو وجود ترابط بين المواضيع التي يتحدّث عليها، ولا يتوقّف عن الكلام أبدًا، ويشعر بالنشاط المفرط، مع تغيّرات كبيرة في المزاج، وصعوبة الانسجام مع الآخرين بسبب أوهامه الثابتة حول العظمة الذاتية. هناك أنواع لجنون العظمة، كالتظلّمي، والغيرة، والاكتشافي، والديني، والعاطفي، والمقاضاة، والوسواس، وله حالات، منها ما يكون حادًّا ومزمنًا، وبعضها قابل للشفاء في غضون أشهر. من الصعب أحيانًا تشخيص حالة جنون العظمة؛ لأنّ الشعور المبالغ فيه بعدم الثقة شائع في العديد من الاضطرابات النفسية، مضافًا إلى أنّ المصاب قد يتجنّب زيارة الأطبّاء، أو الذهاب إلى المستشفيات، وغيرها من الأماكن الطبّية، خوفًا من التعرّض للأذى، بخاصّة أنّ التشخيص يشمل معرفة التأريخ الطبّي للفرد، والفحص البدني، وتقييم الأعراض، وإجراء الاختبارات النفسية الخاصّة بجنون العظمة، واختبارات أخرى لاستبعاد الاضطرابات النفسية التي قد تسبّب الأعراض. هناك أسباب عديدة وراء هذا المرض، منها الأسباب الجسدية، والنفسية، والبيئية، والضغط العصبي، والتوتّر، وضغوط الحياة اليومية، وتعاطي الأدوية أو المخدّرات، وذكريات الطفولة السلبية، واضطرابات البيئة المحيطة، والتقلّبات العاطفية . وأخيرًا، تختلف طريقة علاج الحالة باختلاف السبب وراء حدوثها، فهناك العلاج بالأدوية كالأدوية المضادّة للاكتئاب والذهان، والعلاج النفسي السلوكي الذي يسهم بالسيطرة على الأعراض الناتجة عنه، والعلاج النفسي الذي يهدف إلى إرشاد الشخص إلى السلوك الصحيح والحقيقي الذي أصبح مشوّهًا بالنسبة إليه، والعلاج السلوكي المعرفي الذي يتضمّن تعليم الشخص وتعريفه على خطط معيّنة للتغلّب على الأفكار السلبية التي أسهمت في تشكيل شخصيته المضطربة، والعلاج الأسري المتمثّل بالتركيز على طريقة تعامل أفراد الأسرة مع الشخص المصاب، إذ إنّ تبادل مشاعر الحبّ والاهتمام بين الشخص وأفراد أسرته، أمر مهمّ للتغلّب على هذه الأعراض.