فتوىً قَضَتْ على الإِرهابِ

ولاء عطشان الموسوي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 281

عندما يتسلّح الأفراد بعقيدتهم فلا يهزمهم أحد، العقيدة الحقّة التي تقوّي روح الإنسان فلا تلويه ريح، فتجعله مرتبطًا بالعلا، مستبشرًا بتدبير الله تعالى، على عكس العقيدة الفاسدة التي تؤدّي بصاحبها إلى الهلاك. ومن قوة عقيدتهم، وحبّهم السماوي الذي فاق حبّ الدنيا والتعلّق بها هبّوا إلى سوح الوغى ما إن سمعوا بفتوى الدفاع الكفائي، تاركين وراءهم الأهل والأموال. فهكذا يكون المؤمن القوي مرتفع الهمّة، قوته من قوة ارتباطه بالله سبحانه مثلما كان أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) الذين هبّوا لنصرته غير ملتفتين إلى مُلك في الدنيا، إنّما خرجوا مستبشرين فرحين. فمنذ أن صدرت فتوى الدفاع المباركة في عام (2014م)، خرج الملبّون لنداء المرجعية من مختلف الأعمار، بين الفتى ذي الأربعة عشر ربيعًا حتى ذي الستين عامًا، اتّحدوا ومضوا للوقوف بوجه الإرهاب وردعه. كانت صفوف الجيش آنذاك مهزوزة ضعيفة على الرغم من امتلاكه الإمكانات لمواجهة داعش الإرهابي الذي لم يكن يمتلك غير أسلحته البسيطة وحقده وظلمه، لكن الجيش كان قد انهار معنويًا وغير مستعدّ للمواجهة، فجاء الدعم إليهم بعد صدور الفتوى؛ إذ هبّ الأفراد بمختلف مستوياتهم للدفاع عن الأرض والعِرض، ممّا زاد من معنويات قطاعات الجيش العسكرية وقواهم، وجعلهم قادرين على المواجهة، فانخرط الأحرار من ملبّي النداء في صفوف الجيش العراقي بروح وهمّة عالية، يتمنّون الشهادة ليشعروا أنفسهم كأنّهم ضحّوا بالنفس مع إمامهم المنتظر، آملين رضاه ونظرته الرحيمة. لم يتوّقع داعش الإرهابي أن يرى هؤلاء الأبطال، لم يكن يظنّ بأنّهم سيفشلون خططه الفاسدة، ويقضون عليه. فداعش قتلوا وهجّروا وسبوا وأفسدوا مثلما فعل مَن سبقهم ممّن ورثوا عنهم، وكالذين قتلوا سبط رسول الإسلام باسم الإسلام، يهتفون بكلمة (الله أكبر) من دون أن يؤمنوا بها ويعوها. فأيّ إسلام يسمح بقتل الأنفس من دون ذنب، أيّ إسلام يرضى بالتعذيب والتمثيل بالأشخاص، إنّه ما ألفوا عليه آباءهم وتوارثوه منهم، فجاءتهم الفتوى كالصاعقة التي وقعت عليهم، وخرج المضحّون بالنفس لنصرة الحقّ والدفاع عنه، وردع الشرّ والأشرار. فما أجمل عزيمتهم التي تحلّوا بها، من الحدث إلى صاحب الشَيبة، فكانوا كخلية النحل في ساحات القتال، فلم يكن هناك فرق بين الشابّ والكهل، وقفوا وقفةً واحدةً لردع الظلم، ولتحرير الأرض والبشر من قبضة الظلم. الخبير الأمني والسياسي العميد عدنان الكنانيّ في تصريح له قال: (فتوى المرجعية استجاب لها بحدود (3) ملايين عراقي، من الفتى الذي عمره (14) عامًا إلى ذي الشيبة الذي عمره (60) عامًا، ومن ثم أعادت هذه الفتوى نشاط القوّات المسلحة العراقية، وامتزجت الدماء بين المقاتلين، وتحقّق النصر بفضل القيادة الدينية العقائدية، ودور الأبطال العسكريين، وما تحقّق من ألفة بين المكوّنات العراقية). فتحقّق النصر على أيدي هؤلاء الأبطال، ولم يقتصر دورهم على الدفاع فقط، بل اتّخذوا موقف الهجوم أيضًا للقضاء على داعش الإرهابي ومخلّفاته. فالنصر نصر للحقّ، نصر للدم على الفكر الضالّ المنحرف الذي يسفك الدماء بلا ذنب، فهكذا سينتصر الحقّ وتعلو رايته، ولا يكون للظالم ذكر إلّا باللعنات.