رياض الزهراء العدد 191 تمكين المرأة
ثَقَافَةُ المَرأَةِ أَساسُ حَياةِ الأَجيالِ
قال الله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (التوبة:71). المرأة هي العنصر المهمّ في المجتمع، فإذا صلحت صلح لأنّها الأساس، لذا يجب على الأهل العمل على تقويتها، وعدم الوقوف بوجه تثقيفها وتعليمها بذريعة كونها امرأة والمجال للرجال فقط، فهو من الأخطاء المدمّرة، فتأثير المرأة أكبر من الرجل في مجتمعنا؛ لأنّها الأمّ، والأخت، والبنت، والزوجة، والصديقة، فهي مستوعبة للعدد الأكبر في المجتمع. ومَثَلنا الأعلى هم أهل البيت (عليهم السلام) الذين أعطوا للمرأة حقّها في أداء الرسالة الإسلامية، وكان لها دورها في قول كلمة الحقّ، فالسيّدة خديجة (عليها السلام) كانت شريكة الرسول (صلّى الله عليه وآله) في محنته طوال حياتهما الزوجية، دافعت عنه بكلّ ما لديها من قول وفعل، وساندته بمالها، فوضعت كلّ أموالها تحت تصرّفه نصرةً للدين، فنحني رؤوسنا أمام عظمتها (عليها السلام) لدورها الرسالي العظيم، وتضحياتها الجمّة في سبيل العقيدة والمبدأ. ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام)، عاشت حياتها من أجل الإسلام، ونشره، وتعليمه، وتبليغه، فلم يكن دفاعها عن حقّ أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخلافة وحقّها في الإرث من منطلق شخصيّ، بل دفاعها من أجل بقاء الإسلام، وهداية الأمة إلى ما جاء من عند الله تعالى. ومولاتنا زينب الكبرى (عليها السلام) كانت سيف الحسين (عليه السلام) الناطق، فكان دورها عظيمًا في نهضته الإصلاحية، فحارب (عليه السلام) الفساد بالسيف، وهي حاربته بقوّة الكلمة، ولولا صوتها الصادح بالحقيقة، لما وصلنا شيء عن نهضته (عليه السلام) فقد حمل التأريخ معه صوتها الذي نقلته من ساحة المعركة، ثم من مجلس ابن زياد في الكوفة، ثم من مجلس يزيد في الشام، ومن ثمّ إلى المدينة المنوّرة، فخاطبت أهل الكوفة قائلةً: "أمّا بعدُ، يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنّة، إنّما مَثَلكم كمَثَل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا، تتّخذون أيْمانكم دخلًا بينكم، ألا وهل فيكم إلّا الصلف الظلف، وملق الإماء وغمز الأعداء....ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون وتنحبون؟! إي والله، فابكوا كثيرًا واضحكوا قليلًا، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدًا، وأنّى ترحضون قتل سليل خاتم الأنبياء، وسيّد شباب أهل الجنّة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، ومنارة حجّتكم، ومدرة سنّتكم! ألا ساء ما تزرون..."(1). فهذا الكلام المؤثر والإلقاء الدقيق، نابع من علم إلهي وفهم نبويّ، لذا علينا الاقتداء بها لنصل إلى أقصى مراتب اللباقة، وانتقاء الألفاظ المؤثرة؛ لنكون فاعلات مؤثرات في المجتمع، وعلينا أن نحثّ بناتنا، وأخواتنا، وأمّهاتنا، وجميع نساء العالم على القيام بمشروع الإصلاح في المجتمع. فينبغي لفتياتنا أن يكون لديهنَّ الشعور المبكر بالمسؤولية بإزاء القضية المحيطة بهنَّ أسوةً ببنات الرسالة، ألا وهي نشر الوعي والثقافة، أو المساهمة فيها، والبداية تكون من الأسرة؛ لكونها الصورة المصغّرة عن المجتمع فيكون دورهنَّ فيها أولًا، ثم ينتقلنَ إلى المجتمع الأكبر، مثلما يمكن للمرأة أن تؤدّي رسالتها عبر منصّات التواصل الاجتماعي، واستثمارها لنشر المعلومات الثقافية وإيصالها إلى المتلقّي بشكل مبسّط. وخير ما نختم به هو قول سيّد الموحّدين أمير المؤمنين (عليه السلام): "لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولّي الله أمركم شراركم، ثم تدعون فلا يُستجاب لكم"(2). .................. (1) بحار الأنوار: ج ٤٥، ص١٠٩. (2) الكافي: ج7، ص52.