السَّرِقَةُ..سَرِقَةُ أَمنِ المُجتَمَعِ واستِقرَارِهِ

عبير عبّاس المنظور/ البصرة
عدد المشاهدات : 155

هو ذاك الشريط الأصفر الذي يحدّد مسرح الجريمة؛ للوقوف على أسبابها عن طريق جمع الأدلّة وتحليلها، والوصول إلى الجاني، ومن ثمّ معاقبته تحقيقًا للعدالة، ولإصلاح ما فسد من سريرته. في محاولة منّا لوضع شريط أصفر حول مسرح أيّ جريمة، سواء كانت مادّية أم معنوية؛ لحصر أسبابها، محاولين منع تكرارها عن طريق وضع حلول، وأفكار، ومقترحات لمحاربتها، وعدم تكرارها، والحفاظ على الأمن المجتمعي، والحفاظ على الروح من تلوّث فطرتها بنوازع إجرامية مكتسبة. نسمع بين الفينة والأخرى في النشرات الإخبارية أو نقرأ في الصحف و المجلات أخباراً عن القبض على عصابات للسرقة, منها ما يُعرف بـ(عصابة التنويم المغناطيسي)، وظهر في مقطع فيديويّ توعويّ أنّ الأمر برمّته لا يعدو كونه خفّة يد. السرقة بمعناها اللغوي لا تختلف عن معناها الاصطلاحي كثيرًا، وتعني أخذ ما هو مملوك للغير خُفية وبدون رضاه، ومفهومها واسع وفضفاض، يتعدّى سرقة الأموال، والمجوهرات، والسلع الثمينة وغيرها إلى سرقة المعلومات الشخصية والملفّات السرّية من أجل ابتزاز المسروق، أو سرقة بضعة أمتار من الرصيف وإلحاقها بحديقة المنزل وغيرها، مثلما تعدّدت الأساليب التي يتّبعها السارقون واللصوص مع تطوّر الحياة في المجتمعات العصرية. أنواع السرقة: 1ـ السرقة المادّية: فيها يتمّ سرقة الأمور المادّية، من قبيل المال، والسلع، وقطع الأراضي، والتعيينات مثلما يحصل في وقتنا الحالي. 2ـ السرقة المعنوية: فيها يتمّ مثلًا سرقة أوقات من الدوام الرسمي بالنسبة إلى الموظّفين، أو سرقة الفرد من صلاته، فعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "إنّ أسرق السرّاق مَن سرق من صلاته"، قيل: يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال: "لا يتمّ ركوعها ولا سجودها"(1). وبشكل عام تعود أسباب السرقة إلى نوازع نفسية كالطمع والجشع، وأحيانًا تكون بسبب العوز والفقر، وغيرها من الأسباب. وازداد في الآونة الأخيرة انتشار عصابات السرقة المنظّمة في بعض الدول، وتعدّدت أساليبهم في السرقة، منها التنويم المغناطيسي اللحظي، أو ما يُعرف علميًّا بـ(التهكير الذهني)، وهو (القدرة على التحكّم بأفكار الآخرين وتصرّفاتهم عبر مجموعة من التقنيات من أكثر من علم وطريقة، منها: فنون الوهم، وفنون الإيحاء، والإقناع، ولغة الجسد، والبرمجة اللغوية العصبية .NLP.)(2). ومهما كانت الطريقة التي تتمّ بها جرائم السرقة، إلّا أنّ تبعاتها على الفرد والمجتمع وخيمة جدًا، منها فقدان الثقة بين أفراد المجتمع أنفسهم، وينعكس ذلك على النسيج المجتمعي والعلاقة بين أفراده، ومن أجل مكافحة السرقة، علينا مواجهتها بوصفها جريمةً، وأمرًا محرّمًا، وغير مرغوب فيه على مستوى الأفراد والأُسر والمجتمع، سواء كانت سرقة أمر صغير أم كبير، عن طريق نشر ثقافة مجتمعية عامّة، وتفعيل الدور الرقابي في جميع القطاعات؛ فالمجتمع الذي لا يكافح السرقة والسرّاق، بلا شكّ ستكون سرقة أمنه واستقرار أفراده هي النتيجة الحتمية له. ............................................... (1) جامع أحاديث الشيعة: ج ٢٥، ص ٥٩٣. (2) موقع ويكيبيديا.