الاِستِجمَامُ بَوّابَةُ الإِلهَامِ

د. يمن سلمان سواديّ/ المثنى
عدد المشاهدات : 308

يمرّ طلبتنا الأعزّاء بفاصل زمني يفصل بين مرحلة دراسية وأخرى، وهو العطلة الصيفية التي تحوي في طيّاتها الكثير من الأمور التي تهيّئ الطالب لسنته المقبلة، شريطةَ أن يتمّ استثمارها بالطريقة الصحيحة لتكون فاصلًا مثمرًا، وأحدّ أهمّ أنواع الاستثمار هو (الاستجمام) الذي لا يعني التنزّه فقط، بل يشمل ألوانًا أخرى، فهو باب من أبواب الإلهام الفكري، والراحة النفسية، والانقلاب الذهني من بعد عناء الدراسة والامتحانات، والانغلاق الاجتماعي، فيمكن استثمار العطلة عبر الخيارات الآتية: ١- الخلوة مع الذات: محطّة لرجوع المتعلّم إلى ذاته من بعد صخب الحياة وتلاطم أمواجها، ليكتشف أخطاءه ويصحّحها تارةً، ويصقل مواهبه ويبني أهدافه المستقبلية تارة أخرى؛ لينهض من جديد، وأحد الوسائل المساعدة هو كتابة الأحداث والمواقف التي استولت على تفكيره، ثم حرقها ذهنيًا قبل حرق الورقة فعليًا، مثلما أنّ كثرة الاستغفار والتوبة وسيلتان لذوبان الذنوب، والتقرّب إلى الله تعالى. ٢- ممارسة الرياضة: فهي ضرورية لتقوية العضلات بعد خمولها، وكذلك الرياضة الروحية. ٣- التمتّع بالطبيعة: تحتاج النفس إلى تغيير مناخي، كأن يزور المرء البساتين، أو الحدائق، أو الجبال، والاستماع إلى خرير المياه، وتغريد العصافير، وغيرها، وتُعدّ هذه الخطوة من أهمّ الخطوات التي يحتاجها المتعلّم في العُطل الصيفية لتحقيق التوازن النفسي، وفتح أبواب التأمّل، فقد ورد عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنّه قال: "ثلاث يجلينَ البصر: النظر إلى الخضرة، والنظر إلى الماء الجاري، والنظر إلى الوجه الحَسَن"(1). ٤- تعلّم القرآن الكريم وتعليمه: ينبغي للمتعلّم تعلّمه وحفظه؛ ليحمل في صدره معجزة الإسلام الخالدة، وسيشعر بقوة الشخصية، وعمق الثقافة، والتفتّح الذهني العجيب، بعد عقد النيّة على الاستمرار. ٥- المطالعة الحرّة: وتشمل تثقيف الأهل والأبناء، وهي تختلف عن الدراسة تمامًا، فالأولى اختيارية وتشكّل مصدر استجمام فكري ممتع، والثانية إجبارية وعليها يعتمد نجاح المتعلّم أو رسوبه، فلا ينبغي تحجيم مفهوم المطالعة بإطار من سوء الظنّ عبر اختلاط المفاهيم؛ للقضاء على الحياة الثقافية التي كانت تسري في عروق مجتمعنا الحضاري، فالكتب تجعل القارئ ذا بصيرة، ومن ثمّ فأنّ نظرته للحياة ستختلف عن أقرانه، وسيكون مرجعًا لأصدقائه للإشارة عليهم بما ينفعهم، فيفيد ويستفيد. ٦- زيارة الأقارب، وصِلة الرحم، وزيارة المشاهد المشرّفة: فهي تقوّي أواصر المحبّة عبر التواصل والالتقاء بالناس، واكتساب الأجر والثواب، وغيرها من المنافع. ٧- تطوير المواهب: من قبيل الرسم، التطريز، النجارة، الحياكة، الكتابة، وغيرها. علينا أن نصحّح مفهومنا تجاه الراحة، فهي لا تعني الكسل والخمول والفراغ القاتل، فشتّان بين الأمرين. ........................................................................ (1) وسائل الشيعة: ج ٢٠، ص ٦٠.