نَهضَةٌ وبِشارَةٌ

فاطمة صاحب العوادي/ بغداد
عدد المشاهدات : 199

أمسكتْ القلم وعيناها تحدّقان تارة في وجوه الحاضرات، وأخرى تنظران في ورقة، تكتب عليها كلمات، و(زينب) ليست كعادتها، لا تعلّق، لا تشاكس، أنهت صمتها بالسؤال: أيّهما أفضل لإحياء ذكرى المواليد المباركة؟ نقيم احتفالًا نظهر فيه معالم الابتهاج والفرح، أم مسابقة للأطفال والشباب لاكتساب معلومات مفيدة. - زهراء: ما رأيكنَّ بإعداد مأدبة للأيتام، فأنّ الإمام الحسين (عليه السلام) الذي نحيي ذكرى مولده كان ربيع اليتامى. - نبأ: من الممكن عمل كرّاس فيه معلومات مفيدة، يتعرّف القارئ عن طريقه على حياة أصحاب الذكرى، وقبسات نورانية من رواياتهم. - أمّ عليّ: هذه مبادرة حسنة، وفيها إحياء لذكرهم، وهو من الأمور المستحبّة التي دعا إليها أئمتنا (عليهم السلام)، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "...فأحيوا أمرنا، فرحم الله مَن أحيا أمرنا"(1). - أمّ جعفر: أجل، فإظهار معالم البهجة والسرور من الأمور المهمّة التي تزوّد الإنسان بطاقة إيجابية تحفّزه على مواصلة الحياة، والبذل، والعطاء. - أمّ زهراء: أضيفي إلى ذلك أنّ إدخال السرور على المؤمنين عصمة من النوائب، وقد رُوي عن الإمام عليّ (عليه السلام) أنّه قال: "فو الذي وسع سمعه الأصوات، ما من أحد أودع قلبًا سرورًا إلّا وخلق الله له من ذلك السرور لطفًا، فإذا نزلت به نائبة، جرى إليها كالماء في انحداره، حتى يطردها عنه كما تُطرد غريبة الإبل"(٢). - زهراء: يا الله، ما أرحمكَ وألطفكَ. - أمّ حسين: له الحمد والشكر. - زينب: تتبّعتُ مناسبات السنة الهجرية، فوجدتُ أنّ شهر شعبان هو الشهر الوحيد الذي ليس فيه مناسبة لاستشهاد أحد المعصومين (عليهم السلام). - أمّ حسين: هذا صحيح، ولعلّه ليس مصادفة، فولادة الإمام الحسين، وأخيه أبي الفضل، والإمام السجّاد (عليهم السلام) وهم أبطال النهضة العالمية لمقاومة الظلم والفساد تتبعه ذكرى مولد مخلص الإنسانية من الشرور والطغيان ناشر راية العدل والمحبّة والسلام. - أمّ عليّ: من هذه المناسبات نستشفّ أنّ مسيرة الجهاد لها أكثر من طريق، فالإمام الحسين (عليه السلام) جاهد بالسيف، وبذل دمه وأهله لإصلاح الأمة. - أمّ جعفر: أمّا السبيل الذي اتّخذه أبو الفضل العبّاس (عليه السلام) فيتمثّل بطاعته لإمامه، وبذله كلّ ما يملك من أجل الدين؛ ليكون رمزًا شامخًا للوفاء، والمروءة، والإباء. - أمّ زهراء: وفي ظلّ الحصار الذي فرضته السلطة الأموية الظالمة، اتّخذ الإمام السجاد (عليه السلام) الدعاء والمناجاة طريقًا لترسيخ مبادئ العقيدة الإسلامية. - أمّ عليّ: مثلما أنّه (سلام الله عليه) بيّن لنا كيفية إقامة علاقة مع الله تعالى في جوّ من الروحانية النقية التي تكسب النفس الطمأنينة، وتملأ القلب قوة ليكون الإنسان واثقًا بأنّ قدرة عظيمة تدعمه وتسنده. - زهراء: هذه الأدعية موجودة في الصحيفة السجّادية التي تسمّى زبور آل محمّد. - أمّ زهراء: وللإمام السجّاد الدور الكبير في نشر العلوم الإسلامية عن طريق امتلاكه للموالي فيعيشون في كنفه ينهلون. - أم جعفر: ولأنّ قول الله حقّ ووعده صدق: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (الأنفال:8)، فتكون ذكرى ولادة الإمام المنتظر البشارة المؤكدة لإحياء الشريعة وإقامة دولة العدل الإنسانية. - زينب: إن شاء الله، من الأفضل أن يكون الاحتفاء عليه. - بصوت واحد وبنبرة الفرح والبهجة: على كلّ ما فيه إحياء لإمرهم. ............................................... (1) ميزان الحكمة: ج ١، ص ٣٩٩. (2) ميزان الحكمة: ج ٢، ص ١٢٩١.