رياض الزهراء العدد 191 طفلك مرآتك
عَلِيٌّ وَحِكايَةُ يَومٍ بَهِيٍّ
كان يا ما كان، كان هناك ولد مهذّب اسمه (عليّ)، يعيش في هذا الزمان، استيقظ في اليوم الثالث من شهر شعبان مبكرًا، كان الجوّ لطيفًا جدًا، إذ لم تكن أشعّة الشمس فيه مثل سائر الأيام، كانت مشعّة وزاهية، وزقزقة العصافير متناغمة ومتعالية في كلّ مكان، فنهض مسرعًا إلى أبيه وهو ينادي: أبي، أبي، هل ترى ما أراه؟ هل تسمع ما أسمعه؟ الأب: على مهلكَ، على مهلكَ، قل السلام عليكم وصباح الخير يا ولدي العزيز أولًا! عليّ: السلام عليكم وصباح الخير يا أبي، أنا أعتذر، لكنّي أشعر بأنّ اليوم ليس ككلّ الأيام، هل تشعر بذلك مثلي؟ تبسّم الأب والفرحة تملأ عينيه قائلًا: أجل يا ولدي، وكيف لا يكون هكذا، إنّه يوم عليكَ أن تكون فيه فرحًا مبتهجًا مع كلّ المخلوقات. عليّ: لِمَ يا أبي؟ الأب: لأنّه يوم ولادة إمامنا الحسين (عليه السلام)، مصباح الهدى وسفينة النجاة. عليّ: فعلًا يا أبي، إنّه يوم فرح وسرور، لكن ماذا يعني أنّه سفينة ومصباح، أليس هو إنسان مثلنا؟! الأب: أحسنت بالسؤال يا ولدي، هذا يُقال له (التشبيه)، أي مثلما أنّ هناك سفينةً، عندما تبحر فكلّ ركّابها في أمان من الغرق، ويصلون إلى المرسى بسلام، وهناك سفينة قد يتسرّب إليها الماء وهي مبحرة، فيغرق راكبوها ويموتون، فإنّ الإمام الحسين (عليه السلام) يمثّل السفينة الأولى القوية والكبيرة التي لا يمكن أن تتأثر بأيّ موج أو رياح، ولا يمكن أن يتسرّب إليها الماء، فهي تنجي وتحافظ على سلامة كلّ مَن يركبها، وهكذا هو الإمام الحسين (عليه السلام). عليّ: لكن يا أبي، كيف أعرف أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) هو السفينة المنجية، وليس النوع الثاني؟ الأب: سؤال مهمّ يا ولدي، والجواب موجود في سؤالك الأول نفسه؟ عليّ: هل تقصد يا أبي أنّه مصباح؟ الأب: أجل، أحسنتَ كثيرًا، لهذا السبب لم يصفه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بأنّه سفينة فقط، بل عرّفه بأنّه مصباح أيضًا، فكلّ سفينة فيها مصابيح، لكنّها تنطفئ بمجرد أن ينفد زيتها، لكن الإمام الحسين (عليه السلام) هو مصباح زيت نوره من الله تعالى، لا ينفد ولا ينطفئ لحظةً أبدًا، بل يبقى منيرًا إلى يوم القيامة. عليّ: إذن، يا له من يوم عظيم، شكرًا لله تعالى على نعمة وجود الإمام الحسين (عليه السلام)، وشكرًا لكَ يا أبي أن عرّفتني على إمامي أكثر. الأب: مبارك عليكَ هذا اليوم. عليّ: ومبارك على الجميع.