اِبنَتِي وَالعَمَلُ
بنيّتي الحبيبة: يا هلالًا أتطلّع إلى رؤيته بشغف واهتمام، يا بلسمًا يداوي كلّ الآلام، يا روحًا تحيط بي عند رؤيتها أطياف السلام، تمهّلي قبل أن تعملي، ووازني بين مسؤولياتكِ وعملكِ، وإياكِ وبيع آخرتكِ بدنياكِ، أو أن يكون جني المال هدفًا أعلى في حياتكِ، تبرّرين من أجله كلّ وسيلة، وتغضّين الطرف عن مسؤوليتكِ بصفتكِ زوجةً صالحةً وأمًّا نبيلةً، فزوجكِ وأطفالكِ أولى بكِ، وأحوج إلى جهدكِ، فكوني فراشة ترفرف فوق رؤوسهم، أو زهرة بشذاها تسعد قلوبهم، فأغلب البيوت اليوم تحتاج إلى الحبّ أكثر من المال، وتفتقر إلى الدفء والدلال، وتعاني من الانشغال والإهمال. أجل، يمكنكِ العمل إن وازنتِ بين مسؤولياتكِ، وأدركتِ عظم دوركِ في أسرتكِ، مع الحفاظ على حشمتكِ، والعناية الفائقة بسمعتكِ، والحذر من الاختلاط بالرجال، ممّا يخدش سلامة باطنكِ وطهارة قلبكِ. فالإسلام يا غاليتي لا يحرّم عملكِ، ولا يقيّد حركتكِ، بل يرعاكِ، ويريد أن تكوني أميرة في بيت أهلكِ وزوجكِ، تعملين في البيت ما يطيقه جسدكِ، وبما يتناسب مع رقّتكِ ونعومتكِ، ويحبّذ لكِ أن تصلي إلى أعلى المستويات التي تستحقّها روحكِ، وتنافسي جميع المخلوقات في رحلة سباقٍ تأخذ بيدكِ إلى آفاق التألّق والسموّ الروحي. أنت في نظر الإسلام ريحانة؛ لذلك مُنحتِ من المهامّ والمسؤوليات ما يتناسب وهذه السمة الرائعة، كمَهمّة الأمومة والتربية التي ترفد المجتمع بالأجيال الصالحة النافعة، ومن هذا المنطلق أوجب على وليّ أمركِ النفقة عليكِ، ثم أوجبها على زوجكِ؛ لتكوني متفرّغة لما هو أهمّ بكثير من خروجكِ من البيت للعمل. يمكنكِ العمل بشرط ألّا يتعارض مع أداء مسؤوليتكِ، ولا يكون سببًا في تقصيركِ تجاه مهامّكِ الأساسية، ولا يتسبّب في فقدانكِ لعفّتك، أو وقوعكِ في الحرام، ممّا يسخط الله تعالى. لذلك أوصيكِ يا عزيزة أمّكِ أن تغضّي بصركِ، ولا تظهري زينتكِ، وانتبهي إلى طريقة كلامكِ ونبرة صوتكِ، وتعاملي بجدّية مع الرجال الموجودين في محيط عملكِ، وابتعدي عن الجلسات والتجمّعات التي تُعقد للتفكّه لتحفظي مكانتكِ، ولا تتقبّلي مجاملةً من رجل، أو حديثًا زائدًا عن الحدّ الواجب في العمل قدر استطاعتكِ، وأوصلي بسلوككِ إلى زملائكِ في العمل بأنّكِ جادّة في عملكِ، ومخلصة في أداء واجبكِ، تقدّسين شيبة والدكِ، وثقة زوجكِ، ولن تفرّطي بذلك. وأخيرًا، أوصيكِ عند العودة إلى منزلكِ وأولادكِ أن تغمريهم بعاطفتكِ، وتعوّضيهم عن ساعات غيابكِ، واقضي برفقتهم أجمل الأوقات، وهنيئًا لكِ الجهاد خارج البيت، وحُسن التبعّل، وكمال الأمومة.