رياض الزهراء العدد 191 بريد الرياض
هَل أَنتِ صِفَاتُكِ؟
في خلط مبهم المعالم بين أفراد المجتمع وبين الأمثال السائدة، نقف أمام تسليم مطلق بأنّ صفات الإنسان قادرة على أن تتغلّب عليه، إمّا بصورة مستمرّة، أو بالانتفاض عليه في حالات غير قابلة للسيطرة عليها، فيعترف الفرد بأنّ هذه الصفة تملك زمام أمره ولا يستطيع تغييرها؛ لأنّه من عائلة تتميّز بها، ومهما كانت سلبية فهو يتقبّلها نفسه فقط؛ لأنّه عاجز عن تغييرها، ثم يتوقّع من الآخرين تقبّلها، وإن لم يتقبّلوها بادرهم بالاعتراض، وبسبب ذلك نقع مع الآخرين في مشاكل شتّى، بسبب الاشتباه بين الصفة والموقف، فحين قلتُ لأحدهم: إنّكَ كذبتَ عليّ في هذا الموقف، تذمّر وقال: أنا لستُ كاذبًا، وهو محقّ، فهو ليس كاذبًا، لكنّه كذب في موقف ما، وحين قلتُ لصديقتي: إنّكِ حادّة المزاج، ردّت عليّ: إنّه طبعي، ولا أستطيع السيطرة عليه، والذين من حولي اعتادوا على ذلك، ومَن لم يعتد على طبعي فليبتعد عنّي! في الغالب نقع في الخلط بين المواقف، وبين الصفات، وبين ذواتنا، فالموقف لا يمثّل الصفة الدائمة، ويمكن تمريره إذا ما اختلف عن صفات الشخص، ويمكن تفهّمه وإيجاد الأسباب التي دعت إليه، وهو يختلف عن الصفة التي تطبّع بها الفرد لمدّة من الزمن، فهي تكاد تكون ملازمة له، أمّا ذواتنا فهي الورقة البيضاء التي نملؤها بما نشاء، ونستطيع أن نمحو منها ما نشاء أيضًا، وهي تحمل عنوان الفطرة التي جُبلت على الخير، وما على الفرد سوى تنمية الجوانب الإيجابية فيه، والابتعاد عن كلّ ما هو سلبي. وأمّا الصفات، فهي عوارض يتبنّاها الفرد نتيجةَ مجموعة من المواقف والتجارب التي يراها أو يعيشها، من غير معرفة بكيفية إدارتها، فتُحال إلى لاوعيه، ثم تظهر عليه بصورة صفات يظنّ أنّها ملازمة له، وفي الحقيقة هي قابلة للعلاج والتغيير عن طريق مراحل يطويها الفرد نفسه، مثلها مثل أيّ إدمان يعالج المدمن نفسه منه، فالصفات السيّئة التي تؤذي الفرد وتؤذي مَن حوله، سموم يحتاج أن يتخلّص منها.