صَوْمٌ بِلا استِثناءٍ

انتصار عبد السودانيّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 288

أقبل شهر الأرواح والطاقة الإيجابية، فبمجرّد دخوله تطير الأرواح كالريشة في عالمها الروحاني، وعلى الرغم من ثقل الجسد من كثرة الطعام بعد صيام نهار طويل، إلّا أنّ الأرواح ترتدي أجنحة الليل للوصول إلى عالم المناجاة والابتهال، وبكلّ بهاء وحبّ تقف على أبواب السَحر وهي مليئة بطاقة غريبة لصيام يوم جديد ملؤه الحسنات والمغفرة والرضوان، وعلى الرغم من عطش الجسد وتعب الأعضاء من صوم النهار، إلّا أنّ لذّة الصيام لا تفارق هذه الروح السعيدة بشهر تنتظره كلّ عام، وقد رُوي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "للصائم فرحتان، فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربّه"(1). ولكن هناك مَن يُحرم من الصيام بسبب مرضه المزمن، فيشعر بالحزن والغضب لذهاب هذه الفرصة الذهبية كلّ عام من دون أن يطير بجناحي الأمان والامتنان للشهر الكريم من ربّه المنّان، لكن هناك دعوة إلى كلّ مَن لا يستطيع الصوم في شهر رمضان المبارك، ويحزن ويتحسّر على بركة هذا الشهر الفضيل وعظمة أجره بسبب مرضه أو سفره أو لأيّ سبب كان، هي أن يصوم صَوم الجوارح، أي يصوم عن الغِيبة والنميمة وإيذاء العباد، سواء بالكلام أو الأفعال أو الإشارة، فالصيام ليس الامتناع عن الطعام والشراب والمفطرات فقط، بل عن الذنوب والآثام التي يرتكبها اللسان والجوارح، فقد رُوي عن السيّدة الزهراء (عليها السلام) أنّها قالت: "ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصنْ لسانه وسمعه وبصره وجوارحه"(2). فصوم الجوارح ممّا يرضى الله (عزّ وجلّ) عنه، ونصيب المعذور عن الصيام محفوظ وأجره ثابت. ...................................................................... (1) بحار الأنوار: ج٩٣، ص٢٥١. (2) المصدر نفسه: ص٢٩.