(...إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ...)

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 398

خديجة: ممّا بيّناه سابقًا أنّ الآية الكريمة من سورة الحجرات بعد أن نهت عن الكثير من الظنّ وذكرت العلّة، ذكرت أنّ بعض الظنون هي في الحقيقة إثم وذنب، فقد قال تعالى: (...إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ...) (الحجرات:12). غفران: ما تبعات سوء الظنّ وآثاره في المجتمع؟ رقيّة: دعيني أجيب عزيزتي خديجة، هل تعرفنَ قصّة الإفك؟ زينب: بحسب معرفتي أنّ بعضهم اتّهم إحدى زوجات النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بخروجها عن جادّة العفّة –والعياذ بالله- وأشاعوا ذلك في المدينة. كوثر: وهل كان ذلك لسوء ظنّهم بها؟ رقيّة: هناك مَن أشاع ذلك، وهم جماعة من المنافقين، فقد قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ...) (النور:11)، وكان هدفهم الأساس هو الإساءة للرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) والإسلام والقرآن، وقد نزلت آية كشفت الستار عن سلوكيّاتهم الدنيئة، ومؤامراتهم الخبيثة، فقد قال تعالى: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ)(النور:12). فالآية الكريمة وجّهت الخطاب لأولئك الذين سمعوا هذه الإشاعة ومن دون تبيّن نشروا الخبر وأذاعوه، وهم المؤمنون الذين تورّطوا في تصديق هذا الإفك المبين بسبب طيبة نفوسهم، وسذاجة عقولهم. غفران: هل كان لهذه الإشاعة التي نتجت عن سوء الظنّ صدىً ورواج في المجتمع؟ رقية: أجل، وما كان ينبغي أن يحصل ذلك بين فئة المؤمنين، فنزلت الآية توبّخهم بشدّة على أنّهم أصبحوا آلةً وأداةً في يد المنافقين الذين يشيعون الإفك والفاحشة بين الناس. كوثر: لماذا عبّرت الآية (بِأَنفُسِهِمْ)؟ رقيّة: إنّ التعبير بـ(...ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا...) يدلّ على أنّ من علامات الإيمان هو حسن الظنّ بالمؤمنين، فالمؤمنون جميعًا بمنزلة النفس الواحدة، فكأنّ الظنّ السيّئ بأحدهم ظنّ بالنفس، وهو يتقاطع مع جوهر الإيمان. خديجة: لذا نرى أنّ هذه الرذيلة الأخلاقية قد وقعت موقع الذمّ الشديد؛ لما لها من الآثار السلبية في حياة الإنسان والمجتمع، وهذا ما عرفناه عن طريق الآيات الشريفة، ولو لم يكن في بيان قبح هذه الرذيلة الأخلاقية سوى ما ورد في بعض الآيات الشريفة لكفى‌ ذلك، فكيف بما ورد في الكثير من الأحاديث والروايات الشريفة التي سنتحدّث عنها لاحقًا؟(2). ................................... (1) نُقل بتصرّف عن الأخلاق في القرآن، مكارم الشيرازيّ: ج3، ص: 287-290.