رياض الزهراء العدد 192 ركائز الإيمان
نَظرَةُ المُجتَمَعِ لِذوي الاحتِياجاتِ الخَاصَّةِ
ليست الإعاقة البدنية وحدها ما يترك أثرًا مؤلمًا في نفوس الأفراد، بل هناك صعوبات عديدة، وهناك تقصير واضح من قِبل الجهات المعنيّة، متمثّل بعدم المساواة بين ذوي الإعاقة وبين أقرانهم الأصحّاء في الحقوق، حتى طريقة التعامل معهم تختلف؛ فهي قائمة على أساس المظهر الخارجي لا الجوهر، وعلى العجز لا القدرة. نستعرض في تقريرنا مجموعة من الأسباب والمؤثّرات التي تؤدّي إلى مشاكل لهذه الفئة من المجتمع، وأهمّية علاجها بطرق صحيحة. تصرّفات خاطئة إنّ نظرة العطف المفرطة، وتوجيه الأسئلة لذي الإعاقة لمعرفة سبب حالته الصحّية بكلمات محرجة، وتحديق النظر فيه لمدّة طويلة، والتدخّل في خصوصياته، كلّها قد يراها بعضهم أمرًا طبيعيًا، لا يستحقّ انزعاج الشخص المعاق، بل قد يُعنّف من قِبل الأهل إن ردّ على السائل بذريعة أنّ ذلك التصرّف جاء من باب المحبّة والاهتمام، وليس من باب السخرية والتنقيص. ذوو الهِمَم بدلًا من ذوي الاحتياجات الخاصّة أ.نعمت أبو زيد/ متخصّصة في العلوم التربوية: قد يطرأ على حياة الإنسان بعض أنواع العجز والقصور الجسمي أو الحسّي أو العقلي بلا إرادة منه، ويتمّ اكتشاف الحالات في الغالب عند الولادة، أو في عمر مبكّر، ثم سينتقل الفرد إلى المجتمع ليواجه قدره، فثقافة هذا الأخير هي التي تحدّد الحال الذي سيكون عليه المعاق، ابتداءً من تقبّله والتعامل معه بشكل إيجابي، أو عدّه شخصًا ناقصًا لا يمكنه مجاراة الحياة الطبيعية، وقد يتسبّب ذلك في تحوّل المشكلة من جسدية إلى نفسية، فتزيد الطين بِلّة. فالنظرة السلبية كفيلة بأن تزيد حاله سوءًا على كافّة الأصعدة، لذلك يجب الالتفات إلى الإعاقة على أنّها اختلاف لا تخلّف، وأن يقدّم الأهل الرعاية الخاصّة والسليمة؛ لأنّها لو تمّت بنحو إيجابي، فيمكن للشخص أن يتجاوز الإعاقة، وقد قيل: (كلّ ذي عاهةٍ جبّار)، يعني أنّه يستطيع جبران النقص وتجاوزه، فللإنسان قدرات خفيّة عظيمة جدًا، ولا ينبغي للأهل أن يتراجعوا أو يضعفوا، بل عليهم أن يفكّروا بالطرق المساعدة لسدّ هذا النقص وجبران الخلل. ومن واجبنا بصفتنا تربويين ومثقّفين، ومن موقعنا مهما كان، أن نساعد في نشر التوعية والثقافة لردم هذه الآفة الأخلاقية، ألا وهي النظرة السلبية للفرد المعاق، ولنستبدل عبارة (ذوي الاحتياجات الخاصّة) بالعبارة الأكثر إيجابيةً: (ذوي الهِمَم)؛ لأنّهم يخوضون معترك الحياة من دون سلاح وبهمّة عالية ليثبتوا ذواتهم، وليرفعوا راية نصرهم فيها، ويتركوا بصماتهم البريئة، معلنين للمجتمع أنّهم قادرون ويستطيعون، والأهمّ من كلّ ذاك أنّهم موجودون. حلول لابدّ منها نادية محمّد شلاش/ كاتبة: تُعدّ فئة ذوي الاحتياجات الخاصّة من الفئات التي تحتاج إلى رعاية خاصّة واحتواء، وليس نظرة استهزاء وسخرية، وهذا ما نلاحظه في بعض الأماكن العامة عندما يقوم بعضهم بنعتهم ببعض العبارات التي تزيد حالتهم النفسية سوءًا، ممّا يضطرّهم إلى القيام ببعض التصرّفات التي تخرجهم عن طورهم، أو صدور التصرّف العنيف عنهم، كالضرب أو رمي الآخرين بالأشياء كالحجارة وغيرها، أو الصراخ. فالإعاقة سواء الجسدية منها أو النفسية، إمّا أن تكون منذ الولادة، أو تحدث فيما بعد بسبب تعرّض الفرد لحادث ما، أو لأسباب أخرى أدّت إلى فقدانه أجزاءً من جسمه، أو أثرّت في عقله، فمنعته من مزاولة أعماله بصورة طبيعية، ونظرًا لتعرّض بلادنا لكثير من الحروب والأحداث التي أدّت إلى فقدان بعض المواطنين لبعض أعضائهم، وكذلك وُلد بعض الأطفال مع تشوّهات خلقية نتيجةَ الأسلحة التي استُخدمت في الصراعات، فهذه الفئة تحتاج إلى الاهتمام، بخاصّة مساواتهم مع أقرانهم المواطنين، وذلك ردًّا لجميلهم، ولاحتوائهم ولعدم منع عطائهم المتبقّي . ومن أهم الأمور التي يجب مراعاتها بحقّهم: 1- توفير وظائف تتلاءم مع قدراتهم. 2- إعفاؤهم من بعض الضرائب والرسوم التي لا يستطيعون تسديدها. 3- تهيئة وسائل خاصّة لنقلهم وجلوسهم تناسب وضعهم. 4- توفير أماكن ترفيهية، أو احتواؤهم فكريًا وجسديًا عبر إقامة أنشطة متنوّعة تبرز إمكاناتهم ومهاراتهم الأخرى. 5- تعيين أشخاص براتب شهري ليقوموا برعاية ممّن لا يستطيعون أداء أعمالهم بأنفسهم. 6- تهيئة مدارس خاصّة لهم، فمنهم مَن قدّم إنجازات لا يزال التاريخ يشكرهم عليها، من كتّاب، ومخترعين، ومبدعين أسهموا بتقديم خدمات للمجتمع عجز الأصحّاء عن تقديمها، ومنهم مَن شغل مناصب سياسية واجتماعية، ولم يمنعهم العوق عن استغلال بقية إمكاناتهم الأخرى. فلنحوّل الإعاقة إلى طاقة نسرين نجم/ اختصاصية في علم النفس الاجتماعي: فئة ذوي الاحتياجات الخاصّة فئة مغبون حقّها في المجتمع، ومظلومة بسبب نظرته لها، فهناك معاناة مشتركة تجمعهم في أغلب المجتمعات والدول العربية، ألا وهي عدم تقبّلهم، أو اندماجهم فيها، حتى لو صنع المعاق صاروخًا. وفي أغلب المجتمعات نلاحظ غياب هذه الفئة عن المرافق العامّة والدوائر، في حين يجب أن تُخصّص لهم نسبة من الوظائف، حتى وسائل النقل التي تسهّل لهم تنقّلهم وتساعدهم على الاندماج بشكل سلس ومَرِن نجدها غائبة بنسبة (90%)، وكذلك على صعيد المدارس، فالدمج شبه غائب نتيجةَ غياب التدابير التربوية والمنهجية العلمية الصحيحة في الدمج. إذًا هناك نظرة خاطئة لذوي الاحتياجات الخاصّة ممّن يمتلكون قدرات وطاقات مميّزة على الرغم من فقدانهم لحاسّة ما أو لعضو من أعضاء جسدهم، لكن الطاقة الكامنة بدواخلهم يمكن استثمارها بشكل إيجابي تساعد على تحريك العجلة الاقتصادية عبر الاستفادة من إنتاجهم ونشاطهم، ومن ثمّ يمكن تحويل الإعاقة إلى طاقة، وهذا الأمر يحتاج إلى تكاتف المجتمع وتضامنه لمنع الشرخ الحاصل بين هذه الفئة وبين غيرها من فئاته وشرائحه. بالطبع أنّ العامل الأساس للتغيير هو الثقافة التي تتمحور عنهم، وكيفية معاملتهم، والتي تحتاج إلى نهضة بعيدًا عن نظرات الشفقة والتهميش، فمن الضروري إبراز قدراتهم، ومن الضروري الوثوق بهم، وينبغي أن تُعقد دورات توعوية وبرامج إعلامية تتناول طرق التعامل معهم ودمجهم، والاستفادة من مواهبهم وما يملكونه. نأمل أن تتبدّل النظرة الخاطئة للمعاق الذي يرزح في أغلب مجتمعاتنا بين مطرقة الإعاقة وسندان النظرة السلبية من المجتمع المحيط به.