القُرآنُ الكَريمُ فِي كَلامِ الإمامِ الحَسنِ المُجتَبى (عليه السلام)

زهراء عطشان الموسويّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 580

اقترن شهر رمضان المبارك بتلاوة القرآن الكريم، إذ فيه الليلة التي نزل فيها الذكر الحكيم من عند الله تعالى، فما إن يبدأ الشهر الفضيل حتى نرى الجميع يتنافس على عدد الختمات التي يكملها في غضون هذا الشهر، وتنتشر الأساليب التي تُنظّم الوقت لإكمال الختمات وزيادة عددها، وتُعقد الجلسات لقراءة القرآن وختمه بشكل جماعي. وتعلو الفرحة وجه مَن يطمئنّ بأنّه يكمل ختمته القرآنية قبل نهاية الشهر الفضيل، ونجد بعضهم يسأل بعضهم كم ختمة للقرآن أكملتم؟ لكن لم نلاحظ الكثير من الاهتمام بالتدبّر بآيات الذكر الحكيم للتزوّد منها، والتحاور بها لفهمها ليسير كلّ فرد على هديها، على الرغم من أنّ الله سبحانه قد أكّد في كتابه الكريم على التدبّر والتفكّر في آياته، لا على كثرة القراءة من دون وعيه وفهم مقصوده، حيث قال (عزّ وجلّ):(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمّد:47)، وقوله تعالى: (وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُون) (البقرة:44)، فقد جعل القرآن هاديًا ناصحًا لمَن يعقله، وقد أوصى الرسول (صلّى الله عليه وآله) في حديث الثقلين بالتمسّك بالقرآن الكريم مع عترته الطاهرة كي لا يضلّ الإنسان، والتمسّك لا يتحقّق من دون معرفة وعمل. وقد أشار إلى ذلك مولانا الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام ( في قوله:"ما بقي في الدنيا بقيّة غير هذا القرآن فاتّخذوه إمامًا، يدلّكم على هداكم، وإنّ أحقّ الناس بالقرآن مَن عمل به وإن لم يحفظه، وأبعدهم منه مَن لم يعمل به وإن كان يقرؤه"(1). فها هو سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الزكيّ يبيّن أهمّية العمل بالقرآن، وأنّه يهدي مَن يقرؤه بتفكّر، ويتمسّك به، وليس الغاية قراءته بكثرة من دون وعيه والعمل به. فما أصعب ما قاله الإمام (عليه السلام) وأعمقه، إذ يوضّح بأنّه قد يكون مَن يقرأ القرآن أبعد الناس عنه؛ لأنّه يقرؤه من دون العمل به، فما أكبر المسؤولية التي نحملها على عاتقنا بحفظ هذا الكتاب المقدّس، وبيان عظمة أهل بيت النبوّة (صلوات الله عليهم) بالتمسّك به بعد أن نعقله. فليكن شهر رمضان المبارك شهر القرآن الكريم بالتعاهد على فهمه ووعيه، والسير على ما يدعو إليه، فالقرآن والعترة لا يفترقان أبدًا، وكلّما فهمنا القرآن وعقلناه، كلّما اقتربنا من بيت العصمة محمّد وآله (صلوات الله وسلامه عليهم). ............................................ (1) إرشاد القلوب : ص79.