دَورُ التِّقْنِيَّةِ الرَّقمِيَّةِ فِي انتِشارِ ظَاهِرَةِ اضطِرابِ طَيفِ التَّوحُّدِ

إخلاص داوود/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 240

أسفر التوسّع الهائل في العولمة الافتراضية، والانفجار الحديث للخدمات الرقمية، وغزو عالم الترفيه عن تحدّيات كبيرة ومختلفة على الصعيد السلوكي والنفسي في حياة البشرية. ومع المحامد والفوائد الهائلة في جوانب لا تُعدّ ولا تُحصى للتقنية الرقمية، هناك جوانب ضارّة وظواهر سلبية واكبت العصر الرقمي، منها التأثيرات السلبية في السلوك والتربية والصحّة البدنية للأطفال والمراهقين من عدّة وجوه، التي تُعدّ أولى أسبابها المشاهدة المفرطة والمحتوى الضارّ، ومنها انتشار ظاهرة اضطراب طيف التوحّد الذي تشير إليه الجمعيات ومراكز البحوث العلمية الدولية كلّ سنة. وهذا الاضطراب يجعل الطفل ضعيف القدرة على التواصل مع الآخرين، ويعاني من المشاكل في جميع تعاملاته، سواء في المدرسة أو في البيت، حتى في العمل، ولديه ضعف في تكوين الصداقات مع مَن يدانونه في العمر، ويجد صعوبة في التعلّم، مع فقد التركيز والانتباه. وبحسب المتخصّصين فأنّه لا يوجد علاج لاضطراب طيف التوحّد في المشكلات التي مرّ ذكرها، إلّا أنّ العلاج المكثّف المبكّر قد يؤدّي إلى إحداث تحسّن في معاملة المصاب مع الآخرين، وظهور تأثيرات فعّالة في حياته. وفي الوقت ذاته هناك سلوكيات خاطئة وعادات غير سليمة قد يمارسها كلّ يوم تزيد من أعراض الاضطراب لديه ومن مستويات الحالة التي يعاني منها بشدّة، فمن تلك السلوكيات كثرة استخدام الهواتف الذكية والحواسيب التي تؤدّي إلى العزلة الاجتماعية، والإدمان الرقمي. إنّ الارتباط القوي والاستخدام المكثّف للأجهزة الرقمية مبالغ فيه عند مصابي طيف التوحّد، فيواجه الآباء صعوبة في القدرة على ضبط سلوك الأبناء عند تعاملهم مع التطبيقات الإلكترونية، وتحقيق التوازن في عدد ساعات المشاهدة. إنّ العلم والمعرفة وحبّ الاطّلاع هو ترياق لكلّ داء، مثلما أنّ الوقاية والعلاج المبكّرين كفيلان بتحسّن مخرجات التعامل مع الأطفال المصابين بهذا الاضطراب. ويأتي دور الآباء في معرفة كيفية تشخيص الموادّ غير المفيدة المعروضة على الإنترنت، ومنع الإدمان الرقمي، وأن يكونوا على اطّلاع بجميع السلوكيات الأسرية المفيدة التي تسهم في تحسّن قدرات الطفل المصاب، منها: 1ـ تقليص وقت التفرّج على المحتويات الرقمية إلى ساعات قليلة جدًا. 2ـ اختيار مضامين تناسب وضع الطفل النفسي والجسدي، واستشارة المتخصّصين لمعرفة مستوى حالته، والاهتمام بالمحتوى الرقمي الذي يساعد على تطويره. 3ـ المشاهدات المشتركة بين الآباء والأبناء، وفتح المجال للمناقشة والتشجيع على طرح الأسئلة والإجابة عنها بطرق علمية وتربوية. 4ـ إشغال الطفل عن الهواتف الذكية عن طريق مساعدته بالتفاعل والتواصل المباشر مع المحيطين به والأصدقاء. 5ـ تكليفه بأعمال منزلية بسيطة، والثناء عليه بعد إكماله لجعله يشعر بالفخر، وأنّ له أهمّية ودورًا في المنزل.