التَّعلِيمُ وَدورُهُ فِي تَطوِيرِ سُوقِ العَمَلِ

م.د خديجة حسن القصير/النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 220

يُعدّ التعليم من ركائز نهضة الأمم، فالدول التي اهتمّت بإصلاح نظامها التعليمي وخططه وأهدافه ومناهجه، وسعت إلى دعم التعليم وتطويره، أصبحت دولًا متقدّمة اقتصاديًا؛ لأنّ التعليم ثروة وقيمة ثقافية في حدّ ذاته من جانب، وركيزة لدفع عجلة التنمية من جانب آخر، ولأنّه وسيلة للحراك والتغيير الاجتماعي والتميّز والتفوّق، ومواجهة تحدّيات العصر والعولمة من جانب ثالث(1). والتعليم هو عملية صناعة أجيال المستقبل، وأنّ استثمار هذا النوع من الصناعة هو أفضل أنواع الاستثمار وأكثرها فائدة؛ لأنّ المؤسّسات التعليمية تعمل على تغذية المجتمع بقيادة مستقبلية في المجالات كافة، إضافة إلى تنشيط الآليات النوعية الضرورية لأسواق العمل من أجل تمكينها من تحديث بُناها الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية، وغيرها(2)، وعلى هذا الأساس فأنّ تعزيز جودة التعليم يشكّل هاجسًا عند بعض الدول، وهو ما دفع بعضها إلى تفعيل دوره في إعداد نظام تتحقّق عن طريقه الجودة التي تعتمد على بنية نظام متكامل للمؤسّسة التعليمية. وهذا يتطلّب بالطبع تغيّر الأسس التقليدية التي يرتكز عليها التعليم، ويتطلّب استجابة للمتغيّرات والحاجات البشرية عبر استحداث برامج جديدة ومرنة تلبّي متطلّبات تطوير الموارد البشرية وفقًا للظروف الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك المتغيّرات في سوق العمل، ممّا يجعل التعليم قادرًا على التأثير الجدّي في المجتمع عبر تطوير العمل البحثي، وتكوين المعرفة وإنتاجها، ثم نقلها إلى المجتمع لكي تصبّ في خدمة الإنسان(3). والسؤال: هل أنّ التعليم حاليًا في بعض البلدان النامية على وجه الخصوص قادر على أن يوفّر احتياجات سوق العمل؟ والجواب يتمحور حول كون المؤسّسة التعليمية في بعض الدول ويا للأسف الشديد تعاني من العديد من المشكلات التي تعيق تطوّرها، وهي المشكلات المرتبطة بتلبية احتياجات سوق العمل، ولكي يكون التعليم قادرًا على توفير أيدي عاملة مناسبة لإشغال الوظائف المتوافرة، فلابدّ من أن يتمّ تطوير تلك الملاكات، وبذل الجهد في مؤسّسات التعليم الجامعي، حتى تكون فاعلة وقادرة على تلبية احتياجات سوق العمل، ومواجهة عوامل القصور في بعض الجوانب في التعليم التي تحول دون ذلك. ............................................... (1) بتصرّف: عبد السلام مصطفى عبد السلام، تطوير مناهج التعليم لتلبية متطلبات التنمية ومواجهة تحدّيات العولمة، مؤتمر التعليم النوعي ودورة في التنمية البشرية في عصر العولمة، جامعة المنصورة، مصر ، 2006م، ص273. (2) بتصرّف: باربرا ويتمر، الأنماط الثقافية للعنف، ترجمة: ممدوح يوسف عمران، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد (337ذ)، الطبعة الأولى، صفر 1428هـ-مارس 2007م، ص77. (3) ساجد شرقي، دور الجامعات في تطوير وتنمية المجتمع، مركز الدراسات الإيرانية، جامعة البصرة، العدد العاشر، 2008م، ص174.