صَدَقَةٌ خَفِيَّةٌ

فاطمة نعيم الركابيّ/ ذي قار
عدد المشاهدات : 535

بعد يوم جميل قضته جنى في طاعة الله تعالى في أول سنة تكلّفت فيها لصيام شهر رمضان صدحت المئذنة بصوت الأذان، فها هو موعد الإفطار قد حان، لبّى الجميع نداء ربّهم لإقامة الصلاة. وبعدها أقبلت العائلة مجتمعة على مائدة الإفطار، فقالت جنى وقد قارب صحنها أن يفرغ من الطعام: أمّي شكرًا لكِ، كان الطعام لذيذًا جدًا، سلمت يداكِ. وبينما قام يحيى بوضع مقدار من طعامه في صحن أخته جنى، قالت الأمّ: بالهناء والعافية بنيّتي، سلّمكِ الله تعالى ورعاكِ، لكن يبدو أنّ يحيى لم يعجبه الطعام مثلما أعجبكِ، فها هو قد أعطاكِ من حصّته! ردّ يحيى قائلًا: أبدًا، أبدًا أمّي العزيزة، إنّ كلّ ما تطبخينه لذيذ وطيّب، ولكنّي تعلّمت اليوم حديثًا نبويًا شريفًا، وأنتِ وأبي أوصيتماني أن أعمل بكلّ ما أتعلّمه. - يا حبيب أمّكَ، سلّمكَ الله تعالى، ماذا تعلّمتَ أخبرنا؟ - تعلّمتُ اليوم أنّ نبيّنا الأكرم (صلّى الله عليه وآله) قال: "...وإفراغكَ من دلوكَ في دلو أخيكَ صدقة"(1)، فأحببتُ أن يُكتب لي ذلك، ويبدو أنّ أختي الصغرى لم تعتد على جوع النهار بعدُ، فصارت تنهي طبقها قبلنا جميعًا. فضحك الجميع وقالت الأمّ: صلّى الله على نبيّنا الكريم وعلى آل بيته الطيبين، كم جميل ولطيف هذا الحديث وهذه الالتفاتة النبوية منكَ يا بُنيّ، بارك ربّي بكَ وأرضى الله تعالى عنكَ نبيّكَ، وأدام عليكَ فعل الطاعات، وتقبّل منّا صيامنا. فقال الجميع: آمين. .................. (1) ميزان الحكمة: ج2، ص ١٥٩٧.