أداء الأمانة

رجاء علي مهدي/ التوجيه الديني النسوي
عدد المشاهدات : 478

قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا...)(النساء: ٥٨). إنّ للأمانة معنىً واسعًا يشمل كلّ شيء سواء كان مادّيًا أم معنويًا، فقد تكون الأمانة مالًا، وقد تكون سرًّا أودعه صاحبه عند مَن يثق بحفظه، وفي كلتا الحالتين يجب على كلّ مسلم بصريح آية أداء الأمانة أن لا يخون أحدًا في أيّ أمانة من دون استثناء، سواء كان صاحب هذه الأمانة مسلمًا أو غير مسلم، فقد ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في صفات المؤمن قوله: "لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحجّ والمعروف وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة"(1). ورُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "إنّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبيًّا إلّا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر"(2). فأداء الأمانة والمحافظة عليها من أهمّ الواجبات الشرعية والأخلاقية الإسلامية، ولعلّ من أوضح مصاديقها هو أداء الأمانة المادّية التي يُصطلح عليها في الفقه بـ(الوديعة): وهو عقد بين شخصين، يسلّم الأول عينًا من ماله لشخص آخر ليحفظها له ويردّها عليه، وقد أوجب الشارع المقدّس حفظ هذه الأمانة، وترك كيفية الحفظ إلى العادة والعرف في كيفية حفظ الأشياء كلًّا بحسبه. ومتى ما طلب صاحب الوديعة إرجاع الأمانة، كان على الأمين أن يرجعها إليه، وإلّا كانت يده يدًا غاصبة لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ)، وإذا مات الأمين أو جُنّ أو أُغمي عليه، انفسخ هذا العقد، ويجب على مَن كانت هذه الأمانة تحت يده إرجاعها إلى مالكها أو إعلامه بها فورًا، ولا يجوز له التأخير إلّا لعذر مشروع، وإذا أخّر الردّ أو الإعلام بلا عذر، فسيكون ضامنًا حتى مع عدم التعدّي أو التفريط، بل إنّ التأخير بلا عذر يُعدّ تفريطًا وإهمالًا. ............................... (1)ميزان الحكمة: ج2، ص1574. (2)بحار الأنوار: ج ٦٨، ص ٢.