آفة الغضب

الشيخ حبيب الكاظمي
عدد المشاهدات : 479

مضمون السؤال: ماذا نعمل مع مسألة الغضب وحِدّة المزاج؟ مضمون الردّ: إنّ من الأمور الصادّة عن السبيل هي مسألة تغيّر المزاج، ويا للأسف إنّ هذه الآفة شائعة في مجتمعاتنا، فنرى شخصًا ليس عنده أيّ مشاكل ولا منغّصات، فراتبه مُحرز، وزوجته مطيعة، ويملك دارًا واسعة، وسيارة فارهة، وهو مثلما يصفه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حيث قال: "إنّ من سعادة المرء المسلم أن يشبهه ولده، والمرأة الجملاء ذات دين، والمركب الهنيء، والمسكن الواسع"(1)، فكلّ الأمور مجتمعة في حياته، ومع ذلك نراه حادّ المزاج كأنّه قنبلة موقوتة، ويحتاج فقط إلى عود ثقاب لينفجر! لا ندري لماذا الغضب والحدّة؟ فلو كان إنسانًا فقيرًا ويغضب، لقلنا إنّه معذور؛ لأنّه لا يملك لقمة العيش، ولو كان مريضًا ويحتدّ مزاجه لقلنا إنّه من أثر الوجع والمرض، ولو كانت عنده مشاكل عائلية مع الزوجة أو الأولاد، لعذرناه بسبب تلك المشاكل، لكنّ هناك أشخاصًا منعّمين من جميع الجهات، فلماذا الغضب؟! إنّ الغضب من المدمّرات، لذلك إن رأيتَ عالمًا حكمته حكمة لقمان، وزهده زهد سلمان، وكلامه كلام المعصومين (عليهم السلام)، لكنّه سريع الغضب في المواقف، فهو شخص لا يمكن التأسّي به؛ لأنّه لا وزن له عند الله (عزّ وجلّ)، فالغضب إذا استولى على الفرد، فإنّه لن يستفيد شيئًا مع كلّ المَلكات الحَسنة التي يتمتّع بها! فقد ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "الغضب يُفسد الإيمان كما يُفسد الخلّ العسل" (2). فلنلاحظ هذا التشبيه: فلو يُؤتى لكَ بقدح فيه أرقى أنواع العسل في عالم الوجود، لكن تنظر وترى فيه سوادًا، وإذا بكَ تكتشف أنّ فأرة ألقت فيه عذرتها، فقطعًا إنّ هذا العسل لا يؤكل، ولا قيمة له، وهو كالسمّ الذي أدخل في الشيء، ويا للأسف بعضهم جمعه للعسل جيد، فهو ليس مقصّرًا في جمع العسل، وله نحل كثير، لكن كلّ يوم يرمي عذرة في عسله؛ ومن ثمّ فإنّه يبقى بعيدًا عن مدارج الكمال. وعليه، فإنّ الذي يريد أن يتميّز في الحياة، لابدّ له من أن يقرأ الكتب الأخلاقية، ويقرأ قصص العلماء وتأريخهم، وليحذر من بعض الكتب ذات المضامين المنحرفة، فإنّ بعض الكتب خطير جدًا ، بل قد تحرم قراءتها، فالتزوّد العلمي في هذا المجال مقدّمةً للوصول إلى الدرجات العليا. ................................................ (1)بحار الأنوار: ج٧٣، ص١٤٩. (2)شرح أصول الكافي: ج9، ص310.