"إياك أن تسي‌ء الظن..."

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 793

خديجة: عرفنا من الآيات الشريفة قبح رذيلة سوء الظنّ، ولذا نرى من المهمّ الاطّلاع على بعض الروايات الواردة في هذا الخصوص، فمن منكنَّ تتحفنا ببعض ما جاء عن لسان المعصومين (عليهم السلام)؟ رقيّة: إنّ المتتبّع للأحاديث والروايات الشريفة يرى تقبيح هذه الرذيلة وذمّها على أساس أنّها من أشنع الخصال الأخلاقية السلبية، فعن النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "إنّ الله حرّم من المسلم دمه، وماله، وعِرضه، وأن يُظنّ به ظنّ السوء"(1). وعن الإمام عليّ (عليه السلام) أنّه قال: "إِيِّاكَ أَنْ تُسِي‌ءَ الظّنَّ، فَانَّ سُوءَ الظّنِّ يُفسِدُ العِبادَةَ وَيُعَظّمُ الوِزرَ"(2). وهذا التعبير يمكن أن يكون إشارة إلى سوء الظنّ بكلا قسميه اللذين مرّا سابقًا، أي سوء الظنّ بالناس، وسوء الظنّ بالله تعالى. زينب: إنّ سوء الظنّ في الحقيقة ظلم عظيم في حقّ الغير؛ لأنّه يجعل الطرف الآخر في قفص الاتّهام بالنسبة إلى الشخص الظانّ، فيكيل له أنواع السهام، ويطعنه في شخصيته وحيثيته، وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا المعنى في قوله: "سُوءُ الظَّنِّ بِالمُحسِنِ شَرُّ الإِثمِ، وَأَقبَحُ الظُّلمِ"(3). غفران: مضافًا إلى ذلك، فإنّ في الكثير من الموارد نجد الإنسان يتحرّك وراء سوء ظنّه، ويترجمه إلى عمل وممارسة، ومن ثمّ يقع في مشاكل كثيرة، ويرتكب أنواع العدوان بحقّ الآخرين، لهذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: "سُوءُ الظَّنِّ يُفْسِدُ الأمُورَ، وَيَبْعَثُ عَلَى الشُّروُرِ"(4). كوثر: إذن سوء الظنّ قد يتسبّب في أن يفقد الإنسان أصدقاءه ورفاقه، فما مردود ذلك عليه؟ خديجة: صاحب الظنّ السيّئ يعيش الوَحدة والعزلة، وهذه الحالة أصعب الحالات النفسية التي يواجهها الفرد في حركة الحياة الاجتماعية؛ لأنّ كلّ إنسان يحترم مكانته وشخصيته نجده غير مستعدّ لئن يعاشر الشخص الذي يسيء الظنّ بأعماله الخيّرة، وسلوكياته الصالحة، ويتّهمه بأنواع التهم الباطلة، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "مَنْ غَلَبَ عَلَيهِ سُوءُ الظَّنِّ لَم يَترُكْ بَينَهُ وَبَينَ خَلِيلٍ صُلحَاً"(5)، وقوله (عليه السلام): "شَرُّ النّاسِ مَنْ لا يَثِقُ بِأَحَدٍ لِسُوءِ ظَنَّهِ، وَلا يَثِقُ بِهِ أَحَدٌ لِسُوءِ فِعلِهِ"(6). يتبع... ....................... (1) المحجّة البيضاء: ج 5، ص 268. (2) غرر الحكم ودرر الكلم: ص171. (3) ميزان الحكمة: ج2، ص930. (4) المصدر نفسه.