عطاء مشهود

دعاء فاضل الربيعيّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 191

من قبّة الفضل والفضيلة، ومن أحضان مملكة الوفاء وعبير الأخوة والعطاء، ومن بحر الدعاء، وحضرة الشفاعة والإباء، من مرقد أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) انبثقت شعبة مباركة تعمل جاهدة وبكلّ إخلاص وتفانٍ على تقديم الخدمات الإرشادية والتوجيهية للزائرات الكريمات، وتُعرف بـ(شعبة التوجيه الديني النسوي)، هذه الملاكات الخفيّة تعمل من أجل خدمة زائرات المولى أبي الفضل (عليه السلام) منذ ما يزيد على (16) عامًا، ولا تزال مستمرّة في عملها وعطائها اللامحدود، وقد ارتأت مجلة رياض الزهراء (عليها السلام) تسليط الضوء على هذه الجهود النسوية، ونقل صورة واضحة لأهمّ النشاطات التي تقوم بها هذه الشعبة. بداية الحديث كان مع مسؤولة الشعبة السيّدة عذراء عبّاس الشاميّ التي أجابت عن أسئلتنا مشكورة: ما آلية عمل الشعبة، وما أهمّ المَهامّ المناطة بها، والوَحدات التابعة لها؟ الشاميّ: هدفنا هو الوصول إلى مجتمع واعٍ دينيًا، إذ تُعدّ شعبة التوجيه الديني النسوي إحدى شعب العتبة العبّاسية المقدّسة النسوية التي تُعنى بالإجابة عن المسائل الشرعية، العبادية منها والتربوية والاجتماعية للوصول إلى مجتمع واعٍ دينيًا وفقهيًا وعقائديًا واجتماعيًا، قادر على التعامل مع التحدّيات المعاصرة، والمسائل الشرعية المستجدّة، أمّا نشاطات الشعبة فهي كثيرة ومتنوّعة، أبرزها الإجابة عن الأسئلة والاستفتاءات الدينية، وإعداد المسابقات الفقهية والعقائدية لمنتسبات الشعب النسوية والمدارس الدينية، كذلك للزائرات، والقيام بدعوات للمدارس وتقديم محاضرات بما يلائم الحضور، وتقديم الدروس القرآنية والعقائدية والفقهية وسيرة المعصومين (عليهم السلام) للمنتسبات في الشُعب النسوية التابعة للعتبة العبّاسية المقدّسة، ومدارسها الدينية والوفود القادمة إلى العتبة من النساء، فضلًا عن إقامة المحافل القرآنية في أيام شهر رمضان المبارك، وإقامة مجالس العزاء للمعصومين (عليهم السلام) وإحياء ذكرى مولدهم، وإقامة الدورات الصيفية لطالبات المدارس من أجل توعيتهنَّ دينيًا وشغل أوقات الفراغ لديهنَّ، والاهتمام بتصحيح الوضوء للزائرات في مواقع الوضوء الموجودة في العتبة، وتصحيح قراءة القرآن الكريم لديهنَّ لاسيّما سورة الفاتحة والإخلاص، والتبليغ الديني من دروس فقهية، وعقائدية، وأخلاقية في القرى والأرياف والأحياء الأخرى في ضمن المراكز التبليغية. أمّا بالنسبة إلى الوحدات التابعة للشعبة، فتتكوّن من عدّة وحدات، وهي: وَحدة الخدمات والذاتية، وَحدة الاستفتاءات الدينية، وَحدة العلاقات والتنسيق وإحياء المناسبات الدينية، وَحدة النشر والفكر، الوَحدة القرآنية، ولكلّ وَحدة مَهامّ خاصّة بها. بعد ذلك كان لرياض الزهراء (عليها السلام) وقفة مع السيّدة سلوى محمّد/ مرشدة في وَحدة الاستفتاءات، التي تحدّثت عن تأريخ تأسيس هذه الشعبة المباركة، ومتى بدأ العمل بها: أُسّست الشعبة سنة (2006م)، وكانت وحدةً تابعة لقسم الشؤون الدينية، وتديرها منتسبة واحدة، وفي سنة (2007م)، أدارتها منتسبتان، ثم ازداد العدد ليصبح سنة (2008م) ثلاث منتسبات، وفي سنة (2009م) أربع منتسبات. وفي سنة (2012م) تحوّلت الوَحدة إلى شعبة الزينبيات، وكان عدد منتسباتها (8)، واستمرّت مع الشعبة لعدّة أشهر، وبعد ذلك تحوّلت من وَحدة إلى شعبة، وأصبحت تابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية، وكان العدد ( 11 ) منتسبة وانقسمت إلى عدّة وحدات، ومن ثم أصبحت تابعة لمكتب الأمين العام، وبعدها تحوّلت الشعبة إلى مكتب المتولّي الشرعي للشؤون النسوية. وكان لنا لقاء مع مسؤولة وَحدة الاستفتاء/ السيّدة زهراء جاسم التي حدّثتنا عن أهمّية الإرشاد والتوجيه والتوعية الدينية للأفراد، ومدى ضرورته لسعادة الحياة في الدارين، فأوضحت قائلةً: الإرشاد والتوعية الدينية هو الغرض الأساسي لبعثة الأنبياء والرسل، والغاية منه هو الارتقاء بالمجتمع إلى أعلى مستويات الفضيلة، والابتعاد عن الرذيلة؛ لأنّ الدين هو منهج الحياة، ويدخل في أدقّ التفاصيل والممارسات السلوكية اليومية، لاسيّما لفئة النساء لكونهنَّ نصف المجتمع، والمعوّل عليهنَّ في تربية الأجيال لما يضفي إليهنَّ الإحساس الديني من القناعة والرضا، ويخفّف عليهنَّ وطأة الأزمات التي تمرّ بهنَّ، فيشعرنَ بالاطمئنان وعدم الخوف من المستقبل عن طريق العلاقة مع الله (عزّ وجلّ)، وبذلك تبدع المرأة في إعداد جيل جديد خالٍ من الاضطرابات النفسية والتشاؤم، فالتوعية الدينية لها دور كبير في تحديد المسار الصحيح لسلوكيات الإنسان اليومية عن طريق تعليمه المبادئ الصحيحة، فعند تطبيقها يشعر بالأمن، والاطمئنان النفسي، والتفاؤل، وحبّ الحياة، فيكون إنسانًا سويًا، وبذلك يكسب رضا مولاه (جلّ وعلا) عن طريق اتّباع أحكامه، وبهذا يحصل على سعادة الدارين. وفي حديث مع السيّدة رجاء عليّ/ مسؤولة وَحدة العلاقات والمناسبات الدينية، عن أهمّ إنجازات شعبة التوجيه والإرشاد، ونشاطاتها الدينية والفكرية، وكيف أسهمت في بثّ الوعي الثقافي والديني في الأوساط النسوية، بيّنت قائلةً: تنوّعت إنجازات التوجيه الديني النسوي على مدى سنوات انطلاق هذه الشعبة، حيث كان أهمّ أهدافها في بداية تأسيسها إيصال الحكم الشرعي إلى المرأة المؤمنة، ثم توسّعت بعد ذلك في مجالات عديدة لتصبّ في مصلحة هدف أعلى، وهو تثقيف النساء في العقيدة والفكر الإسلامي، إضافة إلى التثقيف الفقهي، فعملت شعبة التوجيه النسوي على إقامة المناسبات الدينية وإحيائها، سواء ذكرى ولادات المعصومين (عليهم السلام) أو استشهادهم، وتضمّنت برامج تلك المناسبات المحاضرات الدينية الأخلاقية والعقائدية، إضافة إلى استثمار تلك المناسبات في إطلاق مسابقات تتناول سيرتهم العطرة (عليهم السلام)، وتنوّعت هذه المسابقات بين الإلكترونية، والورقية، والميدانية في الصحن الشريف، ولنا في صباح كلّ جمعة برنامج ثقافي مهدويّ يهدف إلى تفعيل ثقافة الانتظار عبر أداء بعض الآداب في زمان غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) من قبيل الدعاء لسلامته وتعجيل فرجه عبر مراسم قراءة دعاء الندبة، ويتخلّل الدعاء وقفات مهدوية، ثم التثقيف بسيرته المباركة، ولا تزال الشعبة تبذل كلّ جهودها في تقديم برامج تهدف إلى نشر منهج المعصومين (عليهم السلام)، وترسيخ فكرة الارتباط بهم (سلام الله عليهم). أمّا السيّدة أشواق عبد الأمير/ مسؤولة وَحدة النشر والفكر فكان السؤال الموجّه إليها: هل استعانت شعبة الإرشاد بالتكنولوجيا الحديثة، ومواقع التواصل المتنوّعة؟ وكيف جنّدتها لخدمة المجتمع؟ فأجابت قائلةً: سعت شعبة التوجيه الديني النسوي إلى مواكبة التطوّر الحاصل، ومن أجل نشر المعلومات ذات الصلة بعمل الشعبة من إرشادات وتوعية للمجتمع، وإثرائه بالأحكام الشرعية، والأخلاقية، والعقائدية، وحلّ بعض المشاكل والمواضيع التي لها صلة بالمرأة، افتتحت صفحات (الفيس بوك، والتلجرام، والانستغرام)، وتمّ نشر المعارف الثقافية المقروءة والمرئية، ولُوحظت سرعة التفاعل مع المشاركين، وزيادة أعدادهم في أقلّ من (6) شهور، ومن جميع شرائح المجتمع. ختام اللقاء كان مع السيّدة عذراء عبّاس الشاميّ/ مسؤولة الشعبة التي تحدّثت عن تفاعل الزائرات مع نشاطات الشعبة، وطموحات الشعبة وأهدافها المستقبلية التي تعمل على تحقيقها: لاريب في أنّ مَن يدخل هذا الحرم المطهّر، فأنّه يقصد التزوّد روحيًا وهو في رحاب الوجود الطاهر للمولى أبي الفضل العبّاس (عليه السلام)، والنيل من بركاته وفيوضاته، ونحن إذ نستثمر هذا الأمر المهمّ في نشر الوعي الديني والعقائدي عن طريق عدّة أنشطة تقيمها الشعبة، ممّا قد تمّت الإشارة إليها سابقًا، ومع كلّ هذه النشاطات نجد تفاعلًا كبيرًا لدى الزائرات، وإقبالًا أكثر، ممّا يسهم في تنمية المنظومة المعرفية لديهنَّ، وحرصهنَّ على المشاركة في الأنشطة. أمّا عن أهدافنا المنشودة، فيمكن القول إنّ أهمّها توعية المجتمع، وتعريفه بالتيارات الفكرية التي تهدف إلى طمس الهوية الإسلامية، وكيفية التصدّي لها، إضافة إلى بناء جيل واعٍ على هموم أمته، ويتمتّع بثقافة دينية أخلاقية عالية؛ لنسهم جميعًا في نشر ثقافة الانتظار، والتمهيد لتعجيل فرج إمامنا المهديّ المنتظر ـ أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ـ عن صالح الهروي قال: سمعتُ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: "رحم الله عبدًا أحيا أمرنا" فقلتُ له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: "يتعلّم علومنا ويعلّمها الناس، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا"(1)، فهنيئًا لمَن يعمل على نشر علوم آل البيت (عليهم سلام الله تعالى) في هذه البقعة التي كانت ولا تزال مصدر الكرامات، ومنبعًا للفضائل والبركات، ولمَن يبذل كلّ هذه الجهود الحثيثة والمستمرّة في سبيل توعية المجتمع، لاسيّما شريحة النساء، وتسليحهنَّ بالوعي والثقافة الدينية الرصينة؛ ليكنَّ قادرات على خدمة دينهنَّ وأسرهنَّ على أتمّ وجه، وأكمل صورة. ..................................... (1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج٢، ص275.