رياض الزهراء العدد 193 تمكين المرأة
القرار بين الحزم و التردد
تسعى المرأة دائمًا إلى أن تكون في القمّة، في المكان الصحيح الذي خصّصه الله لها، فهي ذلك الكائن العظيم المتعدّد الأدوار، بين الأمّ والأخت والبنت والزوجة والصديقة، وبين الطبيبة والمهندسة والمكافحة في ميادين الحياة المختلفة، ولكي تتمكّن المرأة من تأدية كلّ هذه الأدوار، يجب أن تتّخذ القرارات الصحيحة في حياتها، منها النجاح والتفوّق الدراسي، واختيار شريك الحياة المناسب، لكن هذا الأمر ليس سهلًا، لذا نجد بعضهم يتردّد في أخذ القرار الصحيح، فكانت نظرية ما وراء المعرفة محطّ اهتمام علماء النفس، وهي تعني قدرة الفرد على إمعان النظر في أفكاره وسلوكياته وقراراته وتقييمها، لذلك كان موضوع اتخاذ القرارات والتردّد فيها حاضرًا بشكل أساسي في النقاش الفلسفي والسيكولوجي جنبًا إلى جنب، مع ما يرافقه من نظريات عن معرفة الذات وحرّيتها الفردية، وقلقها الوجودي وميلها إلى التأجيل، وما إلى ذلك، وبما أنّ (اللايقين) هي صفة ملازمة للفرد في كلّ جوانب الحياة، سواء كانت بسيطة أم معقّدة، أُجريت دراسات عديدة بشأن مصطلح (القلق الوجودي)، ويعني القلق من نتيجة الاختيار، أو ما ستؤول إليه الأمور نتيجةَ هذا القرار. والتردّد والقلق أمران طبيعيان، قد يمرّ بهما كلّ شخص، ولهما أسباب عديدة، منها: 1ـ الخوف، أو انعدام الثقة بالنفس. 2ـ قلّة التجارب في حياة المرأة المتردّدة. فلو رجعنا إلى طفولتها لوجدنا الحرص الشديد من قِبل الأهل، وعدم السماح لها بخوض أيّ تجربة جديدة وإن كانت بسيطة، كتجربة قصّة شعر جديدة، أو ممارسة هواية معيّنة، أو اختيار الاختصاص المُحبّب لنفسها، فالأهل وضعوا خطّة مرسومة بخاصّة الأمّ؛ لتمشي عليها البنت، خوفًا عليها من الوقوع في المشاكل، ومن ثم تكون هذه الفتاة خالية تمامًا من التجربة كالصفحة البيضاء، وعندما تواجه ظرفًا معيّنًا، نجدها متردّدة جدًا في اتّخاذ القرار المناسب، فتلجأ إلى قراءة الكثير من الكتب لمعرفة ذاتها وما تحتاج؛ لاختيار الجواب الصحيح، وهذا أمر جيد جدًا، لكنّ للمتخصّصين رأيًا آخر: (لكلّ مَن عاش تحت الأذى أريد أن أقول: ما تحتاج إليه يا صديقي لتصل إلى نفسكَ ليس مزيدًا من المعلومات والكتب، بل مزيدًا من الخبرات والتجارب، فهمتُ هذه النصيحة متأخرًا، ولكنّها كانت نقطة التحوّل الحقيقي في مجريات إنسان باحث عن نفسه"(1). .................................................................................... (1) عقدكَ النفسية، سجنكَ الأبديّ: ص48.