جَرائم الخطف اختطاف لأَمنِ المجتمعِ
هو ذاك الشريط الأصفر الذي يحدّد مسرح الجريمة؛ للوقوف على أسبابها عن طريق جمع الأدلّة وتحليلها، والوصول إلى الجاني، ومن ثمّ معاقبته تحقيقًا للعدالة، ولإصلاح ما فسد من سريرته. نحاول أن نضع شريطًا أصفر حول مسرح أيّ جريمة، سواء كانت مادّية أم معنوية؛ لحصر أسبابها، محاولين منع تكرارها عن طريق وضع حلول وأفكار ومقترحات لمحاربتها، وعدم تكرارها، والحفاظ على الأمن المجتمعي، والحفاظ على الروح من تلوّث فطرتها بنوازع إجرامية مكتسبة. في بحث سريع لجرائم الخطف المتزايدة في العالم والمعلن عنها في وسائل الإعلام الحكومية وغير الحكومية، نلاحظ تعدّد وسائل خطف الضحايا من كافة الفئات العمرية، ولم يسلم من ذلك حتى الأطفال الرُضّع! وعلى الأغلب تتمّ عمليات الخطف بواسطة عصابة من المجرمين بهدف ابتزاز أهل الضحايا وطلب الفدية منهم، أو السرقة، أو الاعتداء، أو الاتّجار بالبشر، أو بيع الأعضاء، وفي أحيان كثيرة تنتهي بالقتل. فهناك عصابات تقوم بخطف الأطفال من أجل استغلالهم في العمالة أو بيعهم، وأخرى متخصّصة في بيع الأعضاء البشرية. وفي أحايين أخرى تتمّ عمليات الاختطاف من قِبل مجرم واحد بدافع الانتقام أو القتل أو الاعتداء. ولا يخفى على أحد تأثير تزايد جرائم الخطف في تهديد الأمن والسلم المجتمعي في ظلّ تراخي انتشار الثقافة القانونية فيما يخصّ عقوبة الخطف، التي يمكن أن تتراوح من (10) سنوات إلى (15) سنة، وفي أحايين كثيرة قد تصل العقوبة إلى السجن المؤبّد أو الإعدام في حالات فصّلها قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة (١٩٦٩م) من المادّة رقم (421)، والمادّة رقم (427). ولا تخفى أهمّية دور الحكومات والمجتمعات في تقليل هذا النوع من الجرائم عن طريق التأثير في الأفراد، لتضييق الدائرة على المجرمين، فواجب الحكومات تطهير المجتمع من المجرمين عبر التشديد الأمني من أجل سلامة المواطنين، وتعزيز ثقافة الحذر والاحتياط الأمني عبر نصب كاميرات المراقبة في كلّ المناطق؛ لتسهيل متابعة المجرمين وإلقاء القبض عليهم، كذلك يجب تفعيل الإعلام لمكافحة الإجرام على نطاق واسع عبر عرض المجرمين وهم خلف القضبان؛ كي تأخذ الجهات الأمنية مكانها الصحيح في القوة والتأثير في كلّ مَن يحاول أن يمسّ أمن المجتمع وأمانه، وهذا الإعلام بمنزلة سلاح رادع قوي يضاهي السلاح المادّي للقوات الأمنية. أمّا في ما يخصّ الجانب المجتمعي، فتبدأ المسؤولية من الأسرة لتربية أبنائها وفق الضوابط الشرعية، والالتزام بالقوانين، وتحذير الشباب من استدراج أحدهم لهم، وتوعيتهم على خطورة العلاقات المحرّمة، كذلك تنبيه الأطفال وتعليمهم كيف يحافظون على أنفسهم في الشارع والمدرسة، وأن لا يثقوا بأيّ شخص غريب يحاول التقرّب منهم، فنسبة جرائم خطف الأطفال في تزايد مستمرّ، ومن الضروري تحصين الفتيات من الانجرار وراء عواطفهنَّ إلى مواطن لا تُحمد عقباها، إضافة إلى أهمّية انتشار كاميرات المراقبة في البيوت والمحالّ التجارية، والعمل بحسب توصيات الأجهزة الأمنية بوجوب الإبلاغ عن الخاطفين الطالبين للفدية بأسرع وقت ممكن، وأن لا يستسلم الأفراد لخوفهم، فالقوات الأمنية تستجيب بسرعة وبكلّ إمكاناتها وخبرتها في تحرير المخطوفين في زمن قياسي. وبتضافر الجهود الحكومية والمجتمعية نسهم كثيرًا في تقليل هذا النوع من الجرائم؛ لأنّ جرائم الخطف تمثّل اختطافًا حقيقيًا لأمن المجتمع وسلامته.