رياض الزهراء العدد 193 عطر المجالس
منبت طيب..ثمار طيبة
لا يخفى على أحد ما للأمّ من دور كبير ومهمّ في توطيد القواعد الأساسية لبناء أسرة صالحة متماسكة، تنتج أفرادًا صالحين، والإسلام هو الشريعة الرائدة في العمل على حماية ذلك البناء العظيم من المؤثرات الداخلية والخارجية، حيث أولى اهتمامًا كبيرًا بتنظيم حياة الأسرة بأدقّ تفاصيلها، فضَمِن حقّ كلّ فرد بما يتناسب وحاجاته، وكلّفه بما تسعه طاقته. الأمّ ودورها في بناء شخصية الإنسان كان محور حديث الثلّة الطيّبة عندما دخلت ضيفة عزيزة، استُقبلت بالترحاب، قدّمتها زينب: إنّها أختي الحبيبة حوراء، ألقت حوراء التحية بابتسامة هادئة. - أمّ عليّ: حيّاكِ الله يا بنتي. - حوراء: حيّاكم الله. - أمّ جعفر: يبدو عليها أنّها تحمل الكثير. - زينب: أجل، هو كذلك، قد تحمّلت أعباء أسرتها الصغيرة بصبر وشجاعة واستمرار مع التفوّق الدراسي. - أمّ حسين: حبيبتي، بارك الله فيكِ. - حوراء: الحمد لله، كانت طفولتي جميلة هانئة، والسبب الرئيس هو أمّي الحبيبة، الحنون، الحازمة، الهادئة، المدبّرة، إنّها حِصني وأماني، معلّمتي الأولى التي أسّست لنا برنامج حياتيا. - أمّ زهراء: حفظها الله. - حوراء (بحزن): شاء الله أن تُصاب بمرض أقعدها، وأحاول جاهدة العناية بها، والقيام بشؤونها إلى أن يمنّ الله عليها بالشفاء. - أمّ عليّ: كان الله في عونكِ. ـ أمّ حسين: تعلمين ابنتي الحبيبة أنّ للأمّ شأنًا عظيمًا عند الله، فجعل رضاها ورضا الأب من رضاه تعالى. - أمّ زهراء: وأنّ رعايتكِ لأمّكِ، وتولّي مسؤولية البيت له الأجر العظيم عند الله، إضافة إلى اكتساب احترام الناس. - أمّ جعفر: أجل، بخاصّة الأمّ، لما جاء من تأكيد على حقّها في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. - أمّ علي: فعند تدبّرنا الآيات الكريمة، نجد تصويرًا حقيقيًا لمعاناة الأمّ في أثناء الحمل والوضع، وما يتبعه من العناية والتربية، فقال تعالى: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ (لقمان:14)، وللإمام السجّاد (عليه السلام) في رسالة الحقوق وصف دقيق لما تبذله الأمّ من جهد. - أمّ جعفر: لذا وجب على الأبناء تقدير ما يقدّمه الوالدان، وتوقيرهما، والإحسان إليهما عملًا بقوله تعالى: ...وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (البقرة:83) - أمّ زهراء: وقد أكّد النبيّ الأكرم والأئمة الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) على ضرورة اختيار زوجة ذات دين وأدب؛ لأنّه سينعكس إيجابًا على الأولاد. - أمّ حسين: إنّ أهمّية وجود الأمّ الصالحة المربّية تأتي لكونها الأرض الصالحة التي تخرج النبات الطيّب. - أمّ عليّ: وإذا بحثنا في سِيَر العظماء والعلماء، فسنجد أنّ السبب الرئيس في توفيقهم هو الأمّ. - أمّ زهراء: الأمّ هي التي تمنح الحصانة العاطفية والنفسية، وتوفّر جوّ الأمان لأبنائها، فإنّها بذلك تغرس نباتًا طيّبًا مثمرًا. - أمّ جعفر: وقد صدق أحدهم عندما قال: ما سيرة الأبناء إلّا الأمهات، فإذا بلغوا الرقي صداها(1)، فأمّهات الشخصيات العظيمة أمثلة واضحة على مدى تأثير الأمّ في زرع بذر حبّ العلم، وبثّ روح العزيمة. - أمّ زهراء: وبما أنّ حوراء ثمرة طيّبة، فمن المؤكّد أنّ منبتها طيّب. - حوراء وقد أحمرّت وجنتاها حياءً: جزاكِ الله خيرًا يا خالة. - زينب وزهراء ونبأ بنبرة مازحة: يا جماعة، نحن هنا. - أمّ عليّ: كلّكنَّ ثمار طيّبة، بارك الله فيكنَّ. - .................................................... (1) محمّد إقبال اللاهوري: