رياض الزهراء العدد 193 تاج الأصحاء
التنمر الاجتماعِي
قال الله تعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (الهمزة:1)، إنّ أيّ شكل من أشكال العدوان الذي يقوم على استقواء شخص ما على الآخر، ومضايقته جسديًا أو نفسيًا، والإضرار بالعلاقات الاجتماعية لشخص المتعرّض له عن طريق استخدام وسائل مختلفة ومتعدّدة يُطلق عليه التنمّر الاجتماعي، أو التنمّر العلائقي، وهناك أشكال للتنمّر الاجتماعي، منها المباشر الذي يحدث مباشرة بين الأشخاص، وغير المباشر الذي يكون بإلحاق الضرر بشخص ما دون الحديث المباشر معه، والعلني وهو التنمّر التقليدي ويشمل كلّ ما يقوم به الشخص المتنمِّر، والسرّي وهو الذي لا يمكن للأشخاص غير المشاركين به معرفته أو رؤيته مباشرة، واللحظي ويحدث في أيّة لحظة كالتنمّر على المارّة في الشارع، وقد يكون بشكل شخصي أو عن طريق الإنترنت، وهذا النوع يمكن أن يحدث عند الذكور والإناث إلّا أنّه أكثر شيوعًا لدى الإناث. للتنمّر الاجتماعي أضرار عديدة، منها حدوث مشكلات لدى الشخص المتنمّر عليه كمحاولة إيذاء النفس، والشعور بالعزلة والوحدة واضطرابات القلق، والقلق الاجتماعي، والاكتئاب، ومشاكل جسدية كالصداع، واضطرابات الأكل والنوم، وآلام في المعدة، ومشاكل سلوكية كعدم التحكّم بالمشاعر، وعدم السيطرة عليها في المواقف المختلفة. من الأسباب الشائعة للتنمّر الاجتماعي الخطأ في طريقة التنشئة الأسرية للفرد منذ الصغر، والمشكلات الأسرية، والتأثير السلبي لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والتباهي بالنفس، ورغبة الفرد بإظهار قوته، والغيرة من الأشخاص الآخرين، وضحايا التنمّر الذين سبق التنمّر عليهم، أو بسبب العوامل النفسية، كالإحباط والاكتئاب، وأسباب تتعلّق بالبيئة المدرسية وبيئة العمل، والعوامل التكنولوجية كتقليد ما يشاهد عبرها وإدمان الألعاب العنيفة وتقليدها. يمكن علاج التنمّر الاجتماعي بوضع برامج علاجية خاصّة بالمتنمّرين عبر بناء شراكة خاصّة مع المرشدين النفسيين، وأخرى خاصّة بضحايا التنمّر لتخليصهم من آثاره، وتعليمهم أساليب التعامل مع حالات التنمّر، وكيف يمكنهم تجاوزها، وتشجيعهم على طلب المساعدة من الآخرين، وإبعادهم عن وسائل الإعلام والقنوات التي تتبع منهج التنمّر في برامجها وتعاطيها مع الأحداث، وتنظيم النشاطات والبرامج التي تدعم الأفراد وتزيد من ثقتهم بأنفسهم، والحرص على تنشئة الأفراد تنشئة اجتماعية سليمة في ظروف صحّية بعيدة عن العنف بأشكاله، وبناء علاقة صداقة بين الآباء والأبناء منذ الصغر، ومراقبة سلوك الأبناء على مواقع التواصل الاجتماعي للوقوف على أيّ سلوك للتنمّر ومعالجته فور ملاحظته، وعقد الندوات والاجتماعات للتعريف بالتنمّر ومساوئه على الفرد والأسرة والمجتمع. وأخيرًا، حرّم الإسلام الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة، فقد قال تعالى:(وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة:190).