أَزهَارٌ تَتَفَتَّحُ

وسن نوري الربيعي
عدد المشاهدات : 132

كنتُ وديعة وهادئة، مطيعة ومُحبّة للجميع، أتناول أيّ طعام تعدّه أمي من دون تذمر، استقبل أبي بفرح وسرور غامر، أسعد إذا ما وجدت والدتي تنتظرني عند باب المنزل لترحب بعودتي بأجمل العبارات وأرقها محاولةً منها للتخفيف من التعب والجهد الذي ألاقيه خلال يومي المدرسي. وكنتُ لا أتردد عن إخبارها بما أشعر، وأشرح لها تفاصيل الحوادث منذ خروجي من البيت حتى عودتي، وكانت حياتي منظمة تسير وفقَ قواعد معينة، وفي مدة أحسست أنني أبغض هذه الحياة وأنزعج عند رؤية أمي واقفة بباب المنزل لاستقبالي، أفكر أن أصرخ في وجهها وأقول: أمي كفى، لم أعد طفلة، وصرت أشعر أنّ الكل يراقبني، ولا أدري لماذا باتت خطوتي غير منتظمة ومشيتي متعثرة من دون إرادتي، والأشياء تسقط من يدي رغماً عني، فأنزعج وأرفض أيّ نصائح وتوجيهات من قِبل والديّ مع علمي أنهما يوجهاني بدافع الشفقة والحرص على مصلحتي، ويتمنيان ليّ الخير والراحة؛ لذلك حاولت قضاء جُلّ أوقاتي منعزلة وحزينة أفكر في إيذاء نفسي. وفي أحد الأيام دخلت عليّ أمي بينما أنا في غرفتي، وقد علت وجهها المشرق بالحنان ابتسامة وحب وإشفاق، فعانقتني وقبلتني وقالت: يا حبيبتي الغالية أنتِ الآن كالزهرة التي تريد أن تتفتح، فلا تقلقي ولا تخجلي من هذه التغيرات، فهو أمر طبيعي تمرّ به كلّ فتاة، نعم ربّما تغضبك بعض تصرفاتنا، وربّما تحكمين على الجميع بأنهم يريدون إيذاءك أو الانتقاص من شخصك. ولكن اعلمي يا عزيزتي أنّ هذا غير صحيح، والحقيقة أنك تمرين بمرحلة حساسة، وأنا سأكون بقربك دائماً حتى تتغلبي على هذه المشاعر المتناقضة والانفعالات التي تحدث لكِ بسبب التغيرات الهرمونية والنمو الجسمي والعقلي. فليكن قلبك أكثر صفاءً وهدوءاً وتوجهي إلى الله تعالى؛ ليمنحك القدرة على تخطي هذه المرحلة بنجاح؛ لتصبحي امرأة قوية وسعيدة في كلّ مراحل حياتكِ القادمة.