صُوَرٌ مِن الحَيَاة

آمال كاظم عبد
عدد المشاهدات : 141

إنها أمّه: اتصلت الأم بابنها لتطمئنّ عليه كعادتها: ماذا طبخت لك زوجتك؟ وكيف قضيت يومك؟ ومتى عدت من العمل؟ وماذا قالت لك عن أخيك؟ وماذا عن الموضوع الفلاني؟ وماذا...إلخ، انزعجت الزوجة من تصرفات الأم، وعدّت ذلك تدخلاً في حياتها، فشكت ذلك إلى أمها، فما كان من الأم إلّا أن نصحتها قائلة: اعلمي يا بنيتي أن الأم لا تستطيع فراق أولادها بهذه السهولة، وعليكِ أن لا تنزعجي من تدخلها، فهي لا تعدّ نفسها أنها تتدخل، بل تتوقع أنّ من صميم واجباتها أن تطمئن على ابنها، وربما كانت منزعجة من إصرارك على العيش معه في بيت مستقل، وأنت يا ابنتي لا تحاولي فصله نهائيا عنها؛ لأنها أم ويتقطّع قلبها لأجل ابنها الذي تعوّدت أن تراه دوماً أمامها ليلَ نهارَ، وفجأة استقل عنها وصار بعيداً عن عينيها، فلا تلوميها، وأوصيك أن تعامليها كما تعامليني، فهي كأمك وأكرمي زوجك بمحبتها، فذلك أسعد لقلبه ولقلبها، وعليك بالصبر على أيّ شيء تفعله لكثرة حرصها على ولدها، وتدريجياً سوف تجدك حريصة على زوجك، وحينئذ ستعرف أنّ ابنها في أيد أمينة، فيرتاح بالها وتتعود على الوضع الجديد. زوجة صالحة: دخلت الزوجة إلى غرفتها يعلو ملامحها الانكسار، وتترقرق في عينيها دموع القهر، رمقها الزوج بنظرة عطف وإشفاق، فهو يعرف ما تحمل زوجته في صدرها من عبرات، وما يمتلئ به قلبها من حزن. توجه إليها وهو يحنو عليها ويمسح دموعها التي سالت بمجرد أن رأته، فقبّلها من رأسها وقال لها: بورك فيك يا ابنة الطيبين، أنا أعلم أنك تتحملين من أمي الكثير، وكلّ ذلك لأجلي، وأنا ممتن لك لأنك تقدرين علاقتي بها، ولكن صدقيني أنّ تحملك هذه الآلام يجعلك ملكة متوجة انحني لها إجلالاً، وأكبر فيك إنسانيتك وروحك الطيبة التي لا تتواجد إلا في منابت النبلاء. يا زوجتي العزيزة، إنّ أمي تحمّلت من المصاعب الكثير لكي تراني رجلاً تعتمد عليه، فمنذ وفاة والدي نذرت حياتها لكي تربيني تربية صالحة، ووضعت كلّ آمالها فيَّ، وأنا لا أستطيع أن أعارضها أو أن أعقّها بكلمة تؤذيها. فيا زوجتي العزيزة، أتعلمين أنك تساعديني على البرّ بها؟ أتعلمين أن أجر بري بها أنت شريكة فيه معي لأنك تجنبيني الكثير من المواجهات معها؟ فأشهد الله تعالى أن أكون لك عوناً في كلّ شيء، ولا أحملك ما لا تطيقين ولا أبخل عليك بشيء أقدر عليه، واعلمي أن أولادك سيكونون لك كما أكون أنا لأمي، فلتهنئي برضا الله (عزّ وجل) يا توأم روحي؟ هنا طُرق الباب ودخلت الأم وهي باكية لتحتضن زوجة ابنها قائلة لها: اعذريني يا بنيّتي، فقد آذيتك كثيراً، فلتغفري لي، وعذراً لك يا ولدي إن كنتُ سببت لك الحزن بتعاملي الفظ مع زوجتك، واعذراني فقد كنتُ استمع لكلامكما من دون قصد، وعرفت بأني كنتُ مخطئة.