رياض الزهراء العدد 194 شمس مغيّبة
من الضياع إلى بر الأمان
كانت فتاةً في الـ(14) من عمرها، تسمع الكثير من القصص عن صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، لكنّها لم تفهم ما تعنيه، كانت تعرف أنّه الإمام الغائب، وهو آخر الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، تسمع عنه أنّه سوف يقتل الكثير، حتى أصبحت تخاف ظهوره، وفي أحد الأيام الدراسية عندما انتهت مُدرِّسة اللغة العربية من شرح المادّة، أخذت تتطرّق إلى مواضيع عامّة، ومن ضمنها الحديث عن بقيّة الله الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف)، إلى أن قالت: لقد جعل الله في كلّ زمان وليًّا للناس، يلجؤون إليه في جميع أمورهم الدنيوية والأخروية، وعند الشدّة، أو الحيرة في أمرٍ ما، وعند المصيبة، ونحن لنا وليّ نلجأ إليه في أيّ وقت نريد؛ فعمَّ الهدوء في الصفّ، وبدأت الطالبات يتساءلنَ: مَن يكون؟ فأكملت المُدرّسة قائلةً: هو صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، فكلّ ما تمرّون به من حيرة أو همّ تكلّموا معه فحسب، بقلبٍ صادق، ونيّة طيّبة وسوف تُحلّ جميع مشاكلكم، رنّ الجرس مشيرًا إلى انتهاء الدرس، فخرجت الطالبات، وبقيت إحداهنَّ تفكّر، تُرى هل يسمعني الآن حين أكلّمه عندما أبكي؟ هل يراني عندما أحتاجه؟ هل يشعر بي؟ أخذتْ تقرأ عنه وتطالع وتبحث، كانت تفعل ذلك للتقرّب منه، ومنذ ذلك الوقت أصبح حبيبها ومرشدها، ففي كلّ شدّة تناديه، وعند حزنها تناجيه، وفي وَحدتها هو أنيسها، وفي أزماتها هو منقذها. أصبح لها الأب والأخ والأهل، فعند كلّ ضيق تُنادي باسمه: يا صاحب الزمان أعنّي، يا بقيّة الله ساعدني؛ لتمرّ نسمات طيفه الباردة؛ تهدّئ من حِدّة همّها، فمجرد الشعور أنّ هناك مَن يسمعها ويكون إلى جانبها، يشعرها بالطمأنينة. كان كلّ شيء يتعلّق بالإمام المهديّ (عجّل الله فرجه) يشدّها، سواء كان قصّةً، أو حديثًا، أو كتبًا تتحدّث عن علامات ظهوره الشريف، ومن ضمنها مقطع من قصّة تركّز على أنّ كلّ عمل محرّم يفعله الناس، أو ذنب يعصون الله به فأنّه يكون بمنزلة السهم الذي يصيب الإمام في قلبه، فكم شخص قد رمى صاحب الزمان بسهم، وأدمى جسده الشريف ولم يبالِ، بل ظلّ مشغولًا بمعصيته ويشعر بلذّتها، فاعتُصر قلبها وهي تقول: يا وَيلنا، كم من ذنب ومعصية أدمت قلبكَ يا سيّدي، فاتّخذت عهدًا بأن كلّما تسوّل لها نفسها المعصية فأنّها ستنظر إلى عاقبتها متبيّنةً معصيتها التي ستؤذي صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، فتبتعد عنها مسرعة. علينا أن ننتبه إلى أفعالنا ونتذكّر بقيّة الله في أرضه، ونخجل من تناقضنا في حبّه إن ارتكبنا معصيةً ما، فالمحبّ لا يجرؤ على أذيّة محبوبه ولو بكلمة.